المحاورات كثيرا في أمثال هذه المواضع بذكر البعض وإرادة الجميع.
أو يقال : إنّ تحديد العرض بهذا الحدّ مستلزم لكون الطول أيضا كذلك إذ لو كان أقلّ منه لما كان طولا ، ولو لزم زيادته على هذا الحدّ لكان الظاهر أن يشعر به ، مع أنّ الزيادة عليه منتف البتّة لأنّ خلاف ابن الجنيد والشلمغاني لا عبرة به.
أو يعترض عليه : بأنّه يمكن أن يكون المراد بالعرض القطر ، بقرينة كون السؤال عن البئر والبئر مستديرة ، حتّى يحتاج في التفصّي عنه إلى أن يقال : بأنّ ذلك مبنيّ على ما لا يعرفه إلّا الخواصّ من علماء الهيئة ، من ضرب نصف القطر وهو واحد وثلاثة أرباع في نصف الدائرة وهو خمسة وربع ، لأنّ القطر ثلث الدائرة فيكون مجموع الدائرة عشرة ونصف ؛ إذ المفروض أنّ القطر ثلاثة ونصف فيبلغ المرتفع حينئذ إلى ثلاثة وثلاثين شبرا ونصفا وثمنا ونصف ثمن تقريبا لا تحقيقا على ما توهّم ، وليس كذلك بل التحقيق بلوغه اثنين وثلاثين وثمنا وربع ثمن ، ولا ريب أنّ تنزيل الرواية على مثل ذلك ممّا يتّجه للأفهام المستقيمة ، وكيف يخاطب بذلك الحكيم من هو معلوم له أنّه عن هذه المطالب بمعزل.
أو يعترض عليها بمثل ما تقدّم عن الشيخ (١) ، فيحتاج في دفعه إلى ما ذكره الشيخ من حملها على التقيّة أو على المصنع الّذي ليس له مادّة (٢).
نعم ، لا بدّ في دفع معارضة ذلك لما تقدّم من دليل المطلوب من الالتزام فيها بالتأويل بمثل بعض ما ذكر ، أو الحكم عليها بالاطراح لمخالفتها الإجماع وعدم مصير أحد من الأصحاب إلى موجبها ، بناء على انقطاع بعض ما تقدّم من الأقوال الشاذّة ، مع عدم انطباق شيء منها عليه كما لا يخفى.
فنتيجة الكلام من البداية إلى هذا الختام : أنّ المنصور المقطوع به هو القول المشهور بدلالة ما تقدّم من الرواية ، وأنّ القدح فيها سندا أو دلالة ليس على ما ينبغي ، بدلالة ما قدّمناه في دفع المناقشة.
نعم ، يبقى الكلام المتمّم لهذا المرام في دفع معارضة أدلّة الأقوال الاخر لتلك الرواية ، فإنّ حجّة الصدوق وغيره من موافقيه من القمّيّين وغيرهم الرواية الواردة في الكافي والتهذيب والاستبصار ، قال : سألت أبا عبد الله عليهالسلام عن الماء الّذي لا ينجّسه
__________________
(١ و ٢) تقدّم في الصفحة : ١٥٢.