والاغتسال به.
ومنها : ما هو مشتمل على النهي عن التوضّي والاغتسال ، وعن الشرب أيضا والأمر بالإراقة ، وهو الغالب جدّا.
وأمّا وجه الاستدلال بالقسم الأوّل فواضح ، من جهة أنّ نفي الصلاحية للتوضّي عن الماء الملاقي للنجاسة لا يعقل له وجه ، إلّا بأن يقال : إنّ الملاقاة قد أوجبت فيه زوال وصف وجودي عليه مدار الصلاحية في نظر الشارع وليس ذلك إلّا الطهارة ، ولا ريب أنّ زوالها ملزوم للنجاسة وهو المطلوب.
ولك أن تقول : إنّها أوجبت في الماء حدوث وصف وجودي عليه مدار عدم الصلاحية شرعا ، ولا يكون ذلك إلّا النجاسة.
واحتمال أنّ الوصف الزائل لعلّه وصف الإطلاق ، كاحتمال أنّ الوصف الحادث لعلّه التغيّر.
يدفعه : القطع بأنّ القطرة من الدم الواقعة في الإناء ، والأوقية من البول الواقعة في الحبّ لا يوجبان شيئا من ذلك ، أمّا الأوّل : فواضح ، وأمّا الثاني : فلأنّ الأوقيّة ـ بضمّ الأوّل وسكون الثاني وتشديد الياء المثنّاة ـ إمّا عبارة عن أربعين درهما ـ على ما حكي عن الجوهري (١) ـ وهو يعادل واحدا وعشرين مثقالا صيرفيّا ، أو عمّا اصطلح عليه الأطبّاء وهو وزن عشرة مثاقيل وخمسة أسباع درهم ، ـ على ما في محكيّ المغرب (٢) ـ وأيّا ما كان فهو لا يعادل عشرا من أعشار الحبّ ، كما لا يخفى ، ومعه كيف يعقل كونه سالبا للإطلاق أو موجبا للتغيير ، ثمّ إنّه لو سلّم أنّهما في بعض الفروض ، يوجبان أحد الأمرين ، فلا يقدح في تماميّة الاستدلال بعد ملاحظة ما في الجواب من ترك الاستفصال المفيد للعموم في المقال.
وأمّا وجه الاستدلال بالقسم الثاني : فلمّا تقرّر في الاصول من أنّ الأوامر والنواهي المتعلّقة بالعبادات والمعاملات بقرينة المقام الّتي يكشف عنها العرف وبناء العقلاء ـ نظير القرينة في الأمر الوارد عقيب الحظر ـ ليست على حقائقها ، بل هي إرشاديّة محضة ، معرّاة عن الطلب الحقيقي ، واردة لبيان الواقع ، وإرشاد المكلّف إلى ما يصلحه وتمييزه له عمّا يفسده ، فيراد بالنواهي إحراز المانعيّة مثلا ، كما يراد بالأوامر إحراز
__________________
(١) الصحاح ، مادّة « وقى » ٦ : ٢٥٢٧.
(٢) المغرب ؛ مادّة « وقى » : ٤٩٢.