الشرطيّة أو الجزئيّة أو نحوهما ، ولا يعقل في المقام مانع يكشف عنه النواهي إلّا النجاسة ، وهذا بالنسبة إلى النواهي عن التوضّي والاغتسال واضح وأمّا بالنسبة إلى النواهي عن الشرب فكذلك ، حملا على النظائر بقرينة وحدة السياق ، وكذلك الحال في الأمر بغسل الإناء فيما شرب منه الكلب ، والأمر بالإراقة ونحوها.
مضافا إلى ما فيه من احتمال كونه واردا من باب الكناية ، مرادا به في الحقيقة النهي عن التوضّي ، أو الاغتسال أو مطلق الاستعمال نهيا اريد منه الإرشاد حسبما بيّنّاه ، بل هذا المعنى ممّا لا اختصاص له بالمقام بل يجري في جميع أبواب الطهارات والنجاسات والتنجّسات ، بل وأنت إذا لاحظت الأخبار الواردة في إثبات حكم النجاسة لأنواع النجاسات وإثبات حكم المتنجّس لما يلاقيه النجاسة غير الماء من البدن والثياب والأواني وغيرها ، لما وجدتها دالّة على ذلك إلّا بواسطة ما فيها من الأوامر والنواهي ، بل قلّما يتّفق فيها ما يدلّ على الحكمين بلفظي « النجاسة » و « التنجّس » ، كما لا يخفى على المتتبّع.
وإن شئت لاحظ الأخبار الواردة في نجاسة البول ونحوه ، فترى أنّه ليس فيها إلّا الأمر بالغسل عنه مرّتين ، أو الأمر بصبّ الماء عليه مرّتين ، وليس ذلك إلّا من جهة وروده مورد الإرشاد إلى النجاسة ، والتنبيه عليها مجرّدا عن الطلب الحقيقي ، كيف ولو فرضناه مع الطلب كان غيريّا وهو أيضا مجاز في قول ، أو تقييد في أشهر الأقوال ، وما ذكرناه أيضا مجاز ، غير أنّه في خصوص المقام أرجح من غيره بحكم العرف والتبادر ونحوه.
بل لنا : أن نثبت الدلالة من غير ابتناء لها على ما ذكرناه من القاعدة في الأوامر والنواهي المتعلّقة بالعبادات أو المعاملات ، بأن نقول : إنّه قد استقرّ بناء العرف في الطهارات والنجاسات على تعريف الطهارة بالأمر بالاستعمال أو الشرب أو نحو ذلك ، وتعريف النجاسة بالنهي عن الاستعمال ، أو الشرب ، أو الأمر بالإراقة ، أو الصبّ أو إبقائه على حاله ، ألا ترى أنّه لو كان هنا ماء معلوم عندك كونه نجسا فأراد أن يأخذه من لا يعلمه على هذا الوصف للشرب أو سائر الاستعمالات ، فأنت تعرّف له النجاسة المعلومة عندك بقولك : « دعه ، أو صبّه أو لا تشربه » أو نحو ذلك ، وهو أيضا لا يفهم من ذلك إلّا النجاسة ، ولا ريب أنّ ما ورد في الأخبار أيضا منزّل ومنطبق على هذا المعنى العرفي وإن كان مجازيّا ، فإنّ الحمل على المجاز بعد ظهور القرينة العرفيّة ووضوحها