إلى أنّه طريق جمع بينها وبين الأخبار الدالّة على الانفعال صراحة وظهورا.
فهذه هي الأخبار الّتي عثرنا عليها للقول بعدم الانفعال ، ولا ريب أنّ الاستناد إليها لهذا الحكم خروج عن قانون الفقاهة ، بعد وجود أخبار اخر متواترة دالّة على الانفعال ، فإنّ ذلك لا ينشأ إلّا عن قصور البال.
ثمّ عن الكاشاني كلمات اخر في تشييد مذهبه المخالف للنصوص المتواترة ، وهي لغاية سخافتها وإن كانت ممّا لا ينبغي الالتفات إليها ، وتضييع الوقت بالتعرّض لنقلها وتزييفها ، غير أنّ مزيد انكشاف شناعة ما صار إليه وما اعتمد عليه يدعونا إلى التعرّض لذلك.
فنقول : إنّ من جملة ما حكي عنه : أنّه أيّد ما صار إليه من عدم انفعال القليل بملاقاة النجاسة ، بورود الأخبار المصرّحة بطهارة ماء الاستنجاء.
وفيه : أنّ حكم الانفعال إنّما ثبت من باب القاعدة ، ولا شيء منها إلّا وهي قابلة للتخصيص ، وما ذكر مخصّص لها ، كما ثبت نظيره في المطر بالإجماع ونحوه ، والبئر والجاري على القول بعدم انفعال القليل فيهما ، فلو صلح ما ذكر مؤيّدا لمذهبه الفاسد لكان هذه منه ، فلا وجه للاقتصار عليه.
مع ما قيل عليه : من أنّ تخصيص الحكم بماء الاستنجاء في الروايات يشعر بالمغايرة لغيره من المياه الملاقية للنجاسات ، فلأن يكون ذلك من مؤيّدات القول بالانفعال طريق الأولويّة دون العكس.
ومن جملة ما حكي عنه : أنّه جمع بين الروايات الّتي تمسّك بها لمصيره إلى عدم الانفعال ، والأخبار المصرّحة باشتراط الكرّيّة ، بحملها على أنّها مناط ومعيار للقدر الّذي لا يتغيّر من الماء بما يعتاد وروده من النجاسات.
قائلا في الوافي : « وعلى هذا فنسبة مقدار من النجاسة إلى مقدار من الماء ، كنسبة مقدار أقلّ من تلك النجاسة إلى مقدار أقلّ من ذلك الماء ، ومقدار أكثر منها إلى مقدار أكثر منه ، فكلّما غلب الماء على النجاسة فهو مطهّر لها بالاستحالة ، وكلّما غلب النجاسة عليه بغلبة أحد أوصافها فهو منفعل منها خارج عن الطهوريّة بها » (١).
وعنه أيضا أنّه بعد ما أورد صحيحة صفوان ، المتضمّنة للسؤال عن الحياض الّتي
__________________
(١) الوافي ٦ : ١٩.