ما حكي ـ وتصدّى لنقله صاحب الحدائق (١) أيضا في غير موضع يظهر للمتتبّع ، والسيّد صاحب المصابيح (٢) في عبارة محكيّة منه ، وصرّح به صاحب المدارك (٣) في مسألة عدم اشتراط تساوي السطوح في عدم انفعال الكرّ ، ردّا على المحقّق الثاني في احتجاجه بما تقدّم في بحث الكرّ على عدم تقوّي الأعلى بالأسفل ، وقد حكي (٤) ذلك عن صاحب المقابس (٥) من تلامذة السيّد المتقدّم ذكره ، وله في مصابيحه عبارة عثرنا على حكايته ولا بأس بأن نذكرها لتضمّنها تحقيقا وبسطا.
فإنّه قال : « لا ينجّس المستعلي من السائل عن نبع وغيره ، والمراد به ما فوق الملاقي للنجاسة أو المتنجّس بغير هذه الملاقاة ، لما تقدّم من عدم الفرق في الملاقي بين الوارد والمورود عليه كما هو المشهور ، والحكم بطهارة المستعلي بهذا المعنى مجمع عليه ، وقد حكى جماعة من الأصحاب ، منهم الشهيد في الروض (٦) ، وسبطه في المدارك (٧) الإجماع على عدم سراية النجاسة من الأسفل إلى الأعلى ، والمراد نفي السراية في السائل خاصّة ، فلو استقرّ نجس الأعلى إلّا على القول بالفرق بين الورودين ، فالمستعلي على هذا القول طاهر مطلقا ، سواء في ذلك الملاقي للنجاسة وغيره ، ولا فرق في طهارة المستعلي من السائل بين النابع وغيره ، وإن كان الحكم في الأوّل أظهر لثبوت العصمة فيه باعتبار الجريان والاستعلاء معا ، بخلاف الثاني فإنّ المانع من انفعاله هو الثاني خاصّة ، وعلى قول العلّامة باشتراط الكرّيّة في الجاري فالمانع عن الانفعال هو الاستعلاء مطلقا ، وقد صرّح غير واحد من الأصحاب في مسألة تغيّر الجاري والكثير باختصاص المتغيّر بالتنجيس إذا اختلف سطوح الماء وكان المتغيّر هو الأسفل ، وهذا يقتضي طهارة المستعلي عن نبع وغيره.
__________________
(١) الحدائق الناضرة ١ : ٢٤٣ حيث قال : « لأنّ الأعلى لا تسري إليه النجاسة إجماعا » وأيضا ١ : ٢٤٢ حيث قال : « وأمّا الأعلى فظاهر كلامهم ، الاتّفاق على عدم نجاسته ؛ لعدم تعقّل سريان النجاسة إلى الأعلى »
(٢) مصابيح الأحكام ـ كتاب الطهارة ـ (مخطوط) الورقة : ٥٤.
(٣) مدارك الأحكام ١ : ٤٥حيث قال:« مع أنّ الإجماع منعقد على أنّ النجاسة لا تسري إلى الأعلى مطلقا ».
(٤) والحاكي هو الشيخ الأنصاري قدسسره في كتاب الطهارة ١ : ١١٦.
(٥) مقابس الأنوار : ٧٩.
(٦) روض الجنان : ١٣٦.
(٧) مدارك الأحكام ١ : ٤٥.