وقال العلّامة رحمهالله في المنتهى : « لا فرق بين الأنهار الكبار والصغار ، نعم الأقرب اشتراط الكرّيّة لانفعال الناقص عنها مطلقا ، ولو كان القليل يجري على أرض منحدرة كان ما فوق النجاسة طاهرا » (١) ، وقال في التذكرة : « لو كان الجاري أقلّ من الكرّ نجس بالملاقاة الملاقي وما تحته » (٢) ، وقال الشهيد في الدروس : « ولو كان الجاري لا عن مادّة ولاقته النجاسة لم ينجّس ما فوقها مطلقا » (٣) ، وقال في البيان : « ولو كان الجاري بلا مادّة نجس بالملاقاة إذا نقص عن الكرّ ، ولا ينجّس به ما فوق النجاسة » (٤).
وقال ابن فهد في الموجز : « ولو كان لا عن مادّة كثيرا لم ينجّس بالملاقاة مطلقا ، وقليلا ينفعل السافل خاصّة » (٥) ، وقال المحقّق الكركي في حواشي الإرشاد : « أنّ الجاري هو النابع من الأرض دون ما جرى فإنّه واقف ، وإن لم ينجّس العالي منه بنجاسة السافل إذا اختلف السطوح » (٦) ، وهذه العبارات صريحة في طهارة المستعلي من السائل من حيث هو كذلك ، جاريا كان أو راكدا ، سواء قلنا بنجاسة الماء الوارد على النجاسة أو لم نقل » (٧) انتهى.
أقول : ما استظهره رحمهالله من عموم الحكم بالقياس إلى السائل عن مادّة والسائل لا عن مادّة في محلّه ، بل وإطلاق بعض هذه العبارات بل وصريح بعضها يقضي بعدم الفرق في ذلك بين ما لو كان العالي بنفسه كرّا أو عاليا في كرّ أو في قليل.
ويبقى الكلام مع السيّد المتقدّم رحمهالله في شيء ، حيث إنّه خصّ الحكم بما إذا كان العالي سائلا ، فإنّه غير معلوم الوجه ، ولعلّه اقتصار على القدر المتيقّن من معقد الإجماع المخرج عن القاعدة ، أو مستفاد من كون المسألة في فتاوي الأصحاب مفروضة في خصوص الجاري بالمعنى الأعمّ من النابع والسائل لا عن نبع كما يرشد إليه الكلمات السابقة ، أو من أنّ إجماعات المسألة قد نقلت في الجاري بالمعنى الأخصّ ، أو في مسألة اختلاف سطوح الكثير الّذي لا يتأتّى فرضه إلّا مع السيلان ، وعلى كلّ تقدير فهو
__________________
(١) المنتهى ١ : ٢٨.
(٢) تذكرة الفقهاء ١ : ١٧.
(٣) الدروس الشرعيّة ١ : ٩١١.
(٤) البيان : ٩٨.
(٥) الموجز الحاوي (سلسلة الينابيع الفقهيّة ٢٦ : ٤١١).
(٦) حاشية الإرشاد ـ للمحقّق الكركي ـ (مخطوط) الورقة : ١٥.
(٧) مصابيح الأحكام ـ كتاب الطهارة ـ (مخطوط) الورقة : ٥٤.