الغير المنهضمة من الغذاء ، أو الدود ، على أنّ في صحيحة محمّد بن النعمان ـ المنقولة أيضا ـ إشعارا بالعفو عنه ، وإن كان على الذكر منيّ ، كما لا يخفى » انتهى (١).
وأنت خبير بما فيه من الخلط والاشتباه ، والحقّ التفصيل في ذلك ، فإن كانت النجاسة المخالطة بنفسها عنوانا مستقلا في النجاسة ، ثابتا حكمها من الخارج كالدم والمنيّ إذا خرجا مخلوطين مع الحدث المستنجى منه ، فلا مناص فيه من المنع والحكم بالنجاسة ، لمكان تداخل العنوانين واجتماع الحيثين ، فيقدّم جهة المنع على جهة الإذن لما تقدّم الإشارة إليه ، ولا ينبغي التمسّك بالإطلاق حينئذ لعين ما مرّ ، ودعوى وقوع الإشعار بخلافه في الصحيحة المذكورة غير مسموعة ، بملاحظة ما تقدّم في صدر المسألة.
وإن لم تكن كذلك ، بل كانت نجاسته مكتسبة عن الحدث المستنجى منه ، فالأقرب فيه ما صار إليه الجماعة من الحكم بالطهارة ، لمكان الإطلاق السليم عن المعارض ، وإن كان أحواليّا.
ورابعها : ما حكى اشتراطه عن جامع المقاصد (٢) ، والروض (٣) ، من عدم انفصال أجزاء من النجاسة متميّزة مع الماء ، محتجّين عليه : بأنّ أجزاء النجاسة ـ كالنجاسة الخارجة ـ تنجّس الماء بعد مفارقة المحلّ ، ولا يخفى ما فيه من المصادرة.
واستشكل فيه في المدارك (٤) أيضا قائلا بما سبق.
ولو استدلّ على القول الأوّل بما سبق عن مجمع الفائدة (٥) من أنّ الظاهر من الدليل هو الطهارة من حيث النجاسة الّتي في المحلّ ما دام كذلك لكان أسدّ ، ومحصّله : انقلاب العنوان معه ، فإنّ المفروض بعد مفارقة المحلّ داخل في عنوان القليل الملاقي للنجاسة في غير محلّ الاستنجاء ، فيلحقه حكمه ، ويقوي ذلك لو بقي على هذه الحالة بعد الانفصال مدّة ثمّ باشره الثوب أو البدن ، فاتّضح أنّ الاشتراط المذكور في محلّه.
وخامسها : ما عزى إلى الكشف (٦) ومحكيّ بعض ، من اشتراط عدم سبق اليد على الماء في ملاقاة المحلّ ، فلو سبقته ينجّس ، ولو سبقها أو كانا متقارنين كان طاهرا أو معفوّا عنه ، ويظهر من شرح (٧) الدروس الاحتجاج عليه : « بأنّ نجاسة اليد إنّما تكون
__________________
(١ و ٧) مشارق الشموس : ٢٤٥.
(٢) جامع المقاصد ١ : ١٢٩.
(٣) روض الجنان : ١٦٠.
(٤) مدارك الأحكام ١ : ١٢٤.
(٥) مجمع الفائدة والبرهان ١ : ٢٨٩. (٦) كشف اللثام ١ : ٣٠١.