هذا المقام إن اريد به سلب أحكام النجاسة في خصوص المباشرة حال الصلاة ونحوها ، فكيف يجامعه المباشرة في الامور المذكورة ، ولو اريد به سلب أحكام النجاسة مطلقة ولو في الموارد المذكورة فهو عين معنى الطهارة ومعه ارتفع النزاع بالمرّة.
هذا مضافا إلى أنّ نجاسة البلّة الباقية في المحلّ عرضيّة ، حاصلة عن نجاسة المحلّ ، فإذا أفاد الغسل ـ الّذي هو عبارة عن مجموع الصبّ مع العصر أو الإفراغ ـ طهارة المحلّ وزوال النجاسة الأصليّة عنه ، فلأن يكون مفيدا لطهارة البلّة الباقية فيه وزوال نجاستها العرضيّة الحاصلة من النجاسة الأصليّة طريق الأولويّة.
دعوى : أنّه يزيل النجاسة الأصليّة ولا يزيل النجاسة العرضيّة الحاصلة منها كما ترى ، مع أنّه عند التحقيق ممّا لا يكاد يعقل ، حيث إنّ العرضيّة معلولة من الأصليّة ، ولا بقاء للمعلول بدون العلّة.
واحتمال كون الأصل علّة محدثة ، فلا ضير في انعدامه ، لجواز تخلّف العلّة المبقية عنه.
يدفعه : أنّ هذا الفرض إنّما يستقيم إذا كان علّة الحدوث عين النجاسة الموجودة في المحلّ ، لا الأثر الحاصل منها فيه ، فإذا فرض زوال العين عن المحلّ لا يلزم منه زوال المعلول ، لجواز استناده في البقاء إلى الأثر الحاصل منها في المحلّ ، فنحن نفرض في محلّ الكلام كون علّة الحدوث وهو الأثر الحاصل في المحلّ بعد زوال العين ، فحينئذ إمّا أن يقال : بزوال هذه العلّة عن المحلّ بالغسل الشرعي ، أو يقال : بعدم زوالها ، والثاني باطل بالضرورة من الشرع القائم على أنّ الغسل الشرعي يوجب طهارة المحلّ ، والأوّل مستتبع للمحذور ، ولا يعقل مع زوال كلّ من العين والأثر عن المحلّ علّة اخرى يستند إليها بقاء نجاسة البلّة.
ولو قيل : بأنّ العلّة المبقية هو كون ما بقى في المحلّ بلّة ، فحينئذ نقول : إذا زالت البلّة بطروّ اليبوسة على المحلّ ، إمّا أن يكون شيء من أثر تلك النجاسة باقيا في المحلّ أو لا؟ ولا سبيل إلى شيء منهما ، أمّا الأوّل : فلاستلزامه المحذور ، وأمّا الثاني : فلقضائه بكون اليبوسة في غير ما حصل من الشمس في مواضع مخصوصة ـ يأتي ذكرها في محلّها ـ من جملة المطهّرات ، وهو ممّا لا أثر له في الشرع ولا دليل عليه أصلا ، بل الأدلّة قائمة بخلافه ، مع أنّ القول ببقاء النجاسة في البلّة ممّا يفضي إلى عدم قبول