فساد الأوّل [الّذي] (١) تقدّم تقريره.
نعم ، الطهارة بالمعنى الشرعي غير صالحة لهما ، لعدم كونها متصوّرة إلّا على نمط واحد ، وكأنّ مبنى كلام الخصم على توهّم إرادته ، وهو كما ترى ممّا لا ضرورة في المقام دعت إلى اعتباره ، إلّا على تقدير ثبوت الحقيقة الشرعيّة في لفظ « الطهارة » ، أو ثبوت القرينة على اعتباره مجازا على التقدير الآخر ، وكلاهما ممنوعان.
ومع الغضّ عن ذلك أيضا فاعتبار المبالغة بالنسبة إلى المعنى اللغوي ممّا لا يكاد يعقل بعد فرض كون « طهور » أو « فعول » من المشتقّات ، لمكان كونه مخالفا للقياس وقانون الاشتقاق ، فإنّ المشتقّ في تعديته ولزومه تابع لمأخذ اشتقاقه ، والمفروض أنّه لازم ، وإلّا كانت التعدية سارية في جميع التصاريف ، وهو باطل ومخالف لضرورة العرف واللغة.
ودعوى أنّ كون الماء طاهرا ممّا لا يتكرّر ولا يتزايد ، فينبغي أن يعتبر المبالغة في كونه مطهّرا.
يدفعها : أنّ هذا الاعتبار لا بدّ وأن يثبت من الواضع ، وهو ليس بثابت إن لم نقل بثبوت خلافه ، بملاحظة كون الوضع في المشتقّات نوعيّا ـ على ما قرّر في محلّه ـ فإنّ خصوص لفظ « طهور » ليس ممّا وضعه واضع اللغة ، حتّى يقال : بأنّه إذا وضعه للمبالغة بدليل مثبت له فلا محالة اعتبر المبالغة في كون الماء.
مطهّرا لعدم صلاحية ما عداه للتكرار والزيادة ، بل الّذي تصدّى لوضعه الواضع إنّما هو صيغة « فعول » مجرّدة عن خصوصيّات الموادّ الّتي منها مادّة « طهر » ، وهذه الصيغة إنّما تعتبر مفيدة لما وضعت له من المبالغة في كلّ مادّة تكون صالحة للزيادة والتكرار ، وقد فرضتم خلافه في مادّة « طهر » ، ومعه لا محيص عن اعتبار كون « طهور » من الفعول الموضوع للمعنى الوصفي ، المعبّر به عن الفاعل ـ حسبما أشرنا إليه ـ على حدّ ما يقال في أفعل التفضيل : من أنّه يصاغ عن مادّة قابلة للتفاضل ، وأمّا ما ليس كذلك فالأفعل بالقياس إليه وصفي كما في أعمى ونحوه.
وما ذكرناه من أنّ الواضع لم يتصدّ لوضع « طهور » بخصوصه للمبالغة ، لا ينافي ما
__________________
(١) أثبتناه لاستقامة العبارة.