بها على عدم انفعال القليل بالملاقاة ، ولا طهارة الغسالة على الإطلاق ، وإلى هذا المعنى ـ من دعوى إجمال العلّة ـ أشرنا في بحث انفعال القليل.
ومنها : ما ورد في بول الصبيّ من الروايات الآمرة بصبّ الماء عليه (١).
وأجاب عنه الاستاذ دام ظلّه : « بأنّها لا تدلّ على طهارة غسالته المنفصلة ، ونحن لا نقول أيضا بنجاسة ما لا يلزم انفصاله عن المحلّ » (٢) وهو أيضا في غاية الجودة كما لا يخفى.
ومنها : ما ورد في غسالة الحمّام الّتي لا تنفكّ عادة عن الماء المستعمل في إزالة النجاسة،كمرسلة أبي يحيى الواسطي عن بعض أصحابنا ، عن أبي الحسن الماضي عليهالسلام قال : « سئل عن مجتمع الماء في الحمّام من غسالة الناس تصيب الثوب؟ قال : لا بأس به » (٣).
وفيه : أنّ غسالة الحمّام بنفسها عنوان آخر ، ولهم فيه كلام آخر يأتي إيراده ، ولعلّ البناء فيها على الطهارة ، فلا مدخل لها في محلّ البحث ، على أنّ الكلام في غسالة الحمّام ـ على ما يأتي بيانه ـ فيما لم يعلم بملاقاة النجاسة ولا بعدم ملاقاته.
ودعوى : أنّ الغالب فيها إزالة الخبث بها ، فيحمل الرواية على الغالب.
يدفعها : المعارضة بأنّ الغالب فيها أيضا ملاقاة نجس العين من أصناف الكفّار ، من المجوسي والنصراني واليهودي ، وغيرها من أنواع النجاسات كالبول والمنيّ ، الحاصل ملاقاتهما من غير جهة الإزالة ليكون من محلّ البحث ، فلو بنى على حملها على الغالب لكان ذلك من جملة المحمول عليه ، ولازمه عدم انفعال القليل رأسا ، ولا يقول به المستدلّ ، ومع قيام الأدلّة على الانفعال فلا بدّ من حمل الرواية على ما لا ينافيها ، وهو مورد النادر. ودعوى : أنّ النادر ما لم يلاق نجس العين ليست بأولى من دعوى : أنّ النادر ما لم يستعمل في إزالة الخبث ، أو ما لم يلاق نجس العين ولم يستعمل في إزالة الخبث.
ومنها : رواية الذّنوب (٤) الواردة في أمر النبيّ صلىاللهعليهوآله بتطهير المسجد من بول الأعرابي
__________________
(١) انظر الوسائل ٣ : ٣٩٧ روايات ب ٣ من أبواب النجاسات.
(٢) كتاب الطهارة ـ للشيخ الأنصاري رحمهالله ـ ١ : ٣٣٣.
(٣) الوسائل ١ : ٢١٣ ب ٩ من أبواب الماء المضاف والمستعمل ح ٩ ـ الكافي ٣ : ١٥ / ٤.
(٤) وهي ما رواه أبو هريرة قال : دخل أعرابي المسجد فقال : اللهم ارحمني وارحم محمّدا ولا ترحم معنا أحدا ، فقال رسول الله صلىاللهعليهوآله : « لقد تحجّرت واسعا » قال : فما لبث أن بال في ناحية المسجد ، فكأنّهم عجلوا إليه ، فنهاهم النبيّ صلىاللهعليهوآله ثمّ أمر بذنوب من ماء فاهريق ، ثمّ قال : ـ