بصبّ ذنوب من الماء عليه ، وعن الخلاف في وجه الاستدلال : « أنّ النبيّ صلىاللهعليهوآله لا يأمر بطهارة المسجد بما يزيده تنجيسا » (١) فيلزم أن يكون الماء باقيا على طهارته.
وفيه : ما عن المعتبر عن الخلاف من أنّه بعد حكايتها قال : « إنّها عندنا ضعيفة الطريق ، لأنّها رواية أبي هريرة ، ومنافية للأصول ، لأنّا بيّنّا أنّ الماء المنفصل عن محلّ النجاسة نجس ، تغيّر أم لم يتغيّر ، لأنّه ماء قليل لاقى نجسا » (٢).
ومنها : صحيحة محمّد بن مسلم (٣) المرويّة في المركن ، الآمرة بغسل الثوب فيه مرّتين ، وفي الماء الجاري مرّة واحدة ، وقيل في وجه الدلالة : أنّ نجاسة الغسالة توجب نجاسة المركن فلا يطهّر الثوب بالغسلة الثانية ، خصوصا مع عدم إحاطتها بجميع ما تنجّس منه بالأولى.
وفيه أوّلا : عدم دلالتها على ملاقاة الثوب للمركن بوروده على الماء الّذي هو في المركن ، أو بورود الماء عليه وهو في المركن ، لجواز أن يكون المراد غسله بالقليل الّذي يصبّ عليه من الآنية ونحوها ، على وجه ينفصل منه الغسالة إلى المركن وتدخل فيه ، وقضيّة ذلك طهارة الثوب بالغسلتين ، مع سكوت الرواية عمّا في المركن من الغسالة.
وثانيا : منع دلالتها على ملاقاة الثوب للمركن وهو باق على نجاسته الحاصلة بالغسلة الاولى ، بجواز لزوم غسله بعد الاولى ثمّ إيقاع الغسلة الثانية فيه أيضا ، ولا ينافيه عدم تعرّض الرواية لبيان ذلك ، لجواز أنّ الراوي كان عالما به ، وإنّما وردت الرواية لبيان حكم اعتبار التعدّد في الغسل عن البول إذا كان بالقليل.
__________________
ـ « علّموا ويسّروا ولا تعسّروا » ـ سنن ابن ماجة ١ : ١٧٦ ح ٥٢٩ ، ٥٣٠ ـ سنن الترمذي ١ : ٢٧٥ ح ١٤٧ ، ١٤٨ ؛ سنن أبي داود ١ : ١٠٣ ح ٣٨٠ ، ٣٨١ ـ الذّنوب : الدلو العظيم. لا يقال لها : « ذنوب » إلّا وفيها ماء. مجمع البحرين ؛ مادّة « ذنب » ٢ : ٦٠.
(١) الخلاف ١ : ٤٩٥ المسألة ٢٣٥.
(٢) المعتبر : ١ : ٤٤٩.
(٣) وهي ما رواه في الوسائل والتهذيب ـ في الصحيح ـ عن محمّد بن مسلم قال : سألت أبا عبد الله عليهالسلام عن الثوب يصيبه البول؟ قال : « اغسله في المركن مرّتين ، فإن غسلته في ماء جار فمرّة واحدة ».
قال الجوهري في الصحاح : المركن : الإجانة الّتي تغسل فيها الثياب ، الوسائل ٣ : ٣٩٧ ب ٢ من أبواب النجاسات ح ١ ـ التهذيب ١ : ٢٥٠ / ٧١٧.