المفروض أنّه لا تصريح في الروايات بالنجاسة ، ولا بأنّها هي المقتضية للمنع ، لجواز أن يكون في غسالة الكافر باعتبار المعنى صفة اخرى غير النجاسة هي المقتضية لذلك المنع.
وممّا يشعر بذلك ما في ذيل رواية ابن جمهور من « أنّ الناصب أهون على الله من الكلب » فإنّه يومئ إلى أنّ الحكمة الداعية إلى المنع المذكور إنّما هي الإهانة على الكافر لما فيه من خبث الباطن ، ولا ينافي ذلك ما في تلك الرواية من الطعن على ولد الزنا من « أنّه لا يطهّر إلى سبعة آباء » لأنّ ذلك أيضا من جهة ما فيه من الخبث الباطني ، لا أنّ الطهارة هنا مراد بها ما يقابل النجاسة بالمعنى الشرعي ؛ فإنّ النجاسة بهذا المعنى ممّا لا سبيل إلى التزامه في ولد الزنا ـ كما تنبّه عليه بعض الأصحاب كصاحب الحدائق ـ قائلا : « بأنّه لم يقل بنجاسة ابن الزنا على هذا الوجه قائل من الأصحاب ، ولا دليل عليه من سنّة أو كتاب » (١).
نعم في بعض نسخ تلك الرواية الواصلة إلينا ـ كما قدّمنا ذكرها في جملة أخبار انفعال القليل ـ مكان قوله عليهالسلام : « أنّ الله لم يخلق خلقا شرّا من الكلب الخ » ، قوله : « أنّ الله لم يخلق خلقا أنجس من الكلب ، وأنّ الناصب لنا أهل البيت أنجس منه » ومثله ما في ذيل رواية العلل على ما وجدناه في الوسائل ، لكن بعد وقوع الاختلاف في النسخ لا يتعيّن علّيّة وصف النجاسة دون وصف آخر ، وغرضنا منع الدلالة ويكفي فيه مجرّد إبداء الاحتمال ، لابتناء الاستدلال على دعوى : الملازمة بين المنع والنجاسة ، أو دعوى : المنافاة بينه وبين زوال النجاسة ، والاحتمال يرفعهما.
إلّا أن يقال : بأنّ الغرض دعوى الملازمة أو المنافاة العرفيّتين ، والاحتمال لا يقدح فيهما ، لأنّ مبناهما حينئذ على الظهور العرفي وهو حاصل في المقام ، لأنّ المنساق من الروايات عرفا كون العلّة الداعية إلى المنع هي النجاسة في غسالة الكافر ، بل انفعال ما يمتزج هي معها من الغسالات الاخر بملاقاتها إيّاها.
وبعد كلّ هذه اللّتيّا والّتي ، فالإنصاف يقتضي عدم جواز الاستناد إلى تلك الروايات في هذا المقام لإثبات الحكم الشرعي ، من طهارة أو نجاسة ، لعدم سلامة أسانيد أكثرها من الضعف والإرسال معا ، أو أحدهما ، فإنّ المرسلة الاولى مع ضعفها بالإرسال ،
__________________
(١) الحدائق الناضرة ١ : ٥٠٢.