خال عن الاضطراب ، مع ما في استدلاله على ما اختاره بصحيحة حريز من الفساد الواضح ، لأنّ هذه الرواية وإن كانت عامّة غير أنّها بملاحظة أدلّة انفعال القليل ـ الّتي يقول بموجبها ـ محمولة عنده على صورة الكرّ ، ومعه كيف يتمسّك بها هنا.
إلّا أن يقال : بأنّ محلّ النزاع هنا أعمّ من القليل والكثير ، وليس ببعيد.
وكيف كان : فالقول بالطهارة منسوب معه إلى جملة من المتأخّرين ومتأخّريهم ، وعدّ منهم الشيخ عليّ في جامع المقاصد (١) ، غير أنّ صريح كلامه المنقول عنه ـ يقتضي اختصاصه بصورة الشكّ ، لأنّه قال : « والّذي يقتضيه النظر أنّه مع الشكّ في النجاسة تكون على حكمها الثابت لها قبل الاستعمال ، وإن كان اجتنابها أحوط » (٢) ، وعن صاحب المعالم (٣) وقبله والده في الروض (٤) الميل إليه ، وعن العلّامة في الإرشاد (٥) أنّه قال : بالنجاسة ، وفي الحدائق : « ربّما تبعه فيه بعض من تأخّر عنه » (٦).
وعن الصدوق قال : « لا يجوز التطهير بغسالة الحمّام ، لأنّه يجتمع فيه غسالة اليهودي والمجوسي [والنصراني] والمبغض لآل محمّد وهو شرّهم » (٧) ، والظاهر أنّ ذلك فتوى بموجب موثّقة العلل ، وعن أبيه قريب من هذا الكلام في رسالته إليه ، وعن نهاية الشيخ : « غسالة الحمّام لا يجوز استعمالها على حال » (٨) وعن ابن إدريس أنّه جرى عليه قائلا : « غسالة الحمّام لا يجوز استعمالها على حال وهذا إجماع ، وقد وردت به عن الأئمة عليهمالسلام آثار معتمدة ، قد اجتمع الأصحاب عليها ، لا أجد من خالف فيها » (٩) وعن المحقّق في المعتبر الاعتراض عليه قائلا ـ بعد نقل كلامه ـ : « وهو خلاف الرواية وخلاف ما ذكره ابن بابويه ، ولم نقف على رواية بهذا الحكم سوى تلك الرواية ورواية مرسلة ذكرها الكليني قال : بعض أصحابنا عن ابن جمهور ، وهذه مرسلة وابن جمهور ضعيف جدّا ، ذكر ذلك النجاشي في كتاب الرجال ، فأين الإجماع وأين الأخبار المعتمدة؟ ونحن نطالبه بما ادّعاه ، وأفرط في دعواه » (١٠) انتهى.
والظاهر أنّ مراده بالرواية المشار إليها الّتي حكم على كلام ابن إدريس بكونه على
__________________
(١ و ٢) جامع المقاصد ١ : ١٢٣.
(٣) فقه المعالم ١ : ٣٥٠. (٤) روض الجنان : ١٦١.
(٥) إرشاد الأذهان ١ : ٢٣٨.
(٦) الحدائق الناضرة ١ : ٥٠٠.
(٧) من لا يحضره الفقيه ١ : ١٠.
(٨) النهاية ١ : ٢٠٣. (٩) السرائر ١ : ٩٠.
(١٠) المعتبر : ٢٣.