موثّقة العلل ، والكلام في صحّة الاستناد إليها وعدمها يتبيّن بعد تبيّن عبارات الأعلام ، وتعيّن ما هو محلّ كلامهم في هذا المقام.
فنقول : قد اختلفت عباراتهم في ذلك ، فالعلّامة في المنتهى حكم بالطهارة ، قائلا ـ بعد نقل الخلاف في المسألة ـ : « والأقوى عندي أنّه على أصل الطهارة » (١) وإطلاق ذلك يقتضي عدم الفرق عنده بين صور العلم بملاقاة النجاسة ، أو الشكّ فيها ، أو العلم بعدمها.
وممّا يرشد إليه أنّه تمسّك على ذلك بمرسلة أبي يحيى الواسطي المتقدّمة (٢) ـ وهي عامّة ـ وبصحيحة حريز بن عبد الله عن أبي عبد الله عليهالسلام قال : « كلّما غلب الماء على ريح الجيفة فتوضّأ من الماء واشرب (٣) » ، وبما روي ـ في الحسن ـ عن الكليني عن أبي عبد الله عليهالسلام قال : « في الماء الآجن يتوضّأ منه إلّا أن تجد غيره » (٤) ، وهما أيضا عامّان ، وحينئذ فغسالة الحمّام عنده مخرجة عن قاعدة نجاسة الغسالة ، بل قاعدة انفعال القليل بالملاقاة.
إلّا أن يقال : بأنّ قوله بالنجاسة فيهما يقيّد كلامه هنا ، فيخصّصه بصورة عدم العلم بملاقاة النجاسة ، كما أنّ أدلّة القاعدتين تخصّص هذه الأخبار بالصورة المذكورة ، وهو مشكل ، لأنّ قوله بالنجاسة فيهما عامّ وكلامه هنا خاصّ ، وكيف يقيّد الخاصّ بالعامّ ، مع أنّ قاعدة الحمل ممّا لا يجري في فتاوي الفقهاء كما قرّر في محلّه ، والنسبة بين أدلّة الانفعال وهذه الأخبار عموم من وجه ، لاختصاص الاولى بصورة الملاقاة وعمومها بالقياس إلى غسالة الحمّام وغيرها ، واختصاص المرسلة من تلك الأخبار بغسالة الحمّام وعمومها بالقياس إلى صورة الملاقاة وغيرها ، وكيف يخصّص أحد العامّين من وجه بالآخر بلا شاهد خارجي.
نعم ، يجري هذا الكلام بالقياس إلى الحسنة في الآجن ، من حيث إنّها أعمّ من الغسالة وصورة الملاقاة أيضا ، ولكن دليله غير منحصر فيها ، وبالجملة كلامه رحمهالله هنا غير
__________________
(١) منتهى المطلب ١ : ١٤٧.
(٢) الوسائل ١ : ٢١٣ ب ٩ من أبواب الماء المضاف والمستعمل ح ٩.
(٣) الوسائل ١ : ١٣٧ ب ٣ من أبواب الماء المطلق ح ١.
(٤) الوسائل ١ : ١٣٨ ب ٣ من أبواب الماء المطلق ح ٢ ـ الكافي ٣ : ٤ / ٦.