الاضطراب والاختلال وعدم استقامة دليله.
فبقيت صورة الشكّ ، وفيها قولان : أحدهما : الطهارة وهو للعلّامة وغيره ممّن عرفتهم ، ويظهر من الأردبيلي (١) أيضا.
[وثانيهما] النجاسة : وهو للصدوق والشيخ والحلّي والمحقّق والعلّامة أيضا ، ولا ريب أنّ القول بالنجاسة هنا مخالف لقاعدتهم المشهورة المتسالم عليها ، من أنّ مدار الحكم بالنجاسة على العلم بتحقّق السبب ، ولا يكفي فيه مجرّد الشكّ والاحتمال بل الظنّ أيضا ، فمرجعه إلى التعويل على الظنّ المستند إلى الغلبة ولو نوعا ، كما أنّ مرجع القول بالطهارة إلى عدم العبرة بذلك الظنّ.
فالعمدة في المقام النظر في هذا المطلب ، وليس فيه من الأدلّة الخاصّة إلّا ما عرفت من الروايات ، مضافة إلى صحيحة محمّد بن مسلم ، قال : قلت لأبي عبد الله عليهالسلام الحمّام يغتسل فيه الجنب وغيره ، أغتسل من مائه؟ قال : « نعم ، لا بأس أن يغتسل منه الجنب ، ولقد اغتسلت فيه ، ثمّ جئت فغسلت رجلي ، وما غسلتهما إلّا ممّا لزق بهما من التراب » (٢)
وصحيحته الاخرى ، قال : رأيت أبا جعفر عليهالسلام جائيا من الحمّام وبينه وبين داره قذر ، فقال : « لو لا ما بيني وبين داري ما غسلت رجلي ولا تجنّبت ماء الحمّام » (٣).
ورواية زرارة الموصوفة بالموثّقة ، قال : « رأيت الباقر عليهالسلام يخرج من الحمّام فيمضي كما هو ، لا يغسل رجليه حتّى يصلّي » (٤).
حكى الاستدلال بها وبسابقتها عن الأردبيلي (٥) ولا بأس به ، بناء على ما أشرنا إليه آنفا من أنّ غسالة الحمّام ما يجتمع في البئر من سطوحه الجاري من خطوطها المياه إليها ، وفعل المعصوم حجّة كقوله إذا كشف عن حكم بعينه ، فلو لا سطح الحمّام مع ما فيه من المياه محكوما عليه بالطهارة ـ مع قيام الشكّ في نجاسته بحكم العادة ـ لما ترك المعصوم التجنّب عنه جزما ، ولا ضير في تركه الاحتياط الراجح ، لمكان كونه بذلك الفعل في مقام التعليم والارشاد ، ويخرج رواية أبي يحيى الواسطي شاهدة ، لعدم
__________________
(١) مجمع الفائدة والبرهان ١ : ٢٩٠.
(٢ و ٣) الوسائل ١ : ١٤٨ ب ٧ من أبواب الماء المطلق ح ٢ و ٣ ـ التهذيب ١ : ٣٧٨ و ٣٧٩ / ١١٧٢ و ١١٧٣.
(٤) الوسائل ١ : ٢١١ ب ٩ من أبواب المضاف ح ٢ ـ التهذيب ١ : ٣٧٩ / ١١٧٤.
(٥) مجمع الفائدة والبرهان ١ : ٢٩٠.