الحدود إنّما تؤخذ باعتبار مفاهيمها لا باعتبار مصاديقها ، حيث إنّها ترد للماهيّات بالماهيّات ، فالترديد فيه بين أنّ المراد به عرف زمانه صلىاللهعليهوآله ، أو عرف غيره في غاية السخافة ، لكون مرجعه إلى اعتبار هذا القيد في الحدّ باعتبار المصداق.
غاية الأمر ، أنّ العرف العامّ باعتبار مفهومه الكلّي المتحقّق تارة في ضمن عرف زمانه ، واخرى في ضمن عرف زمان أئمّة اللغة ، وثالثة في ضمن عرف زماننا ، إن ثبت في الخارج تحقّقه في ضمن عرف زمانه صلىاللهعليهوآله كان موضوعا للحكم بالاستقلال ، فيتعدّى الحكم إلى الأزمنة المتأخّرة إلى زماننا هذا على تقدير ثبوت المسمّى ، وإن تغيّر العرف وانقلبت التسمية.
وإن ثبت تحقّقه في ضمن عرف أهل اللغة ، كان مرآتا لموضوع الحكم الثابت في زمانه صلىاللهعليهوآله ، وموضوعا له بالاستقلال في زمان أهل اللغة ، وموجبا لتعدّيه إلى زماننا على تقدير بقاء المسمّى وتغيّر العرف والتسمية.
وإن ثبت تحقّقه في ضمن العرف الحاضر كان مرآتا لموضوع الحكم الثابت في الأزمنة المتقدّمة إلى زمانه صلىاللهعليهوآله ، وموضوعا له بالاستقلال في هذا الزمان ، فلا يلزم في شيء من الصور إشكال ، ولا تغيّر الحكم بتغيّر التسمية ولا ثبوت حكم البئر للعين لو سمّيت باسمه ، لأنّ هذه التسمية ـ على فرض تحقّقها ـ إن فرض كونها على وجه المجاز فعدم ثبوت حكم البئر لمسمّاها واضح ، وكذلك لو فرض كونها على وجه الحقيقة ولكن بالوضع الجديد ، وأمّا لو فرض كونها على وجه الحقيقة مع العلم بثبوتها في زمانه صلىاللهعليهوآله ، أو مع احتمال ثبوتها أيضا ، فأيّ إشكال في ثبوت أحكام البئر للمسمّى بها بعد تسليم كون العرف الحاضر مرآتا إلى عرف زمانه صلىاللهعليهوآله.
ومنع تلك المتقدّمة لعلّه سدّ لباب الاستنباط ، وخرق للإجماع ، وهدم لبناء العرف في حكمهم بتشابه الأزمان في التسمية ما لم يثبت لهم خلافه.
فدعوى : أنّ ما ثبت إطلاق « البئر » عليه في زمنه صلىاللهعليهوآله أو زمن أحد الأئمّة المعصومين عليهمالسلام ، ـ كالّتي في العراق والحجاز ـ فثبوت الأحكام له واضح ، وما وقع فيه الشكّ فالأصل عدم تعلّق أحكام البئر به ، ممّا لا وجه له أصلا.
نعم ، لو علم بعدم الإطلاق في العرف الحاضر ، أو شكّ في الإطلاق والعدم ، أو علم بالإطلاق وشكّ في وصفه ، أو علم بالوصف وأنّه على وجه المجاز أو على وجه