ولوازمه ؛ خصوصا إذا كان قوله : « مطلق » مرادا به « مرخص فيه » ، فإنّه لا يفيد حينئذ إلّا الإباحة بالمعنى التكليفي ؛ وهو ليس من محلّ البحث في شيء ؛ ولا يمكن إرجاع المقام إلى ما يتعلّق بالتكليف بملاحظة العبادة المشروطة بالطهارة ؛ نظرا إلى أنّ شرطيّة الامتزاج في الواقع تستلزم عدم صحّة الصلاة بالوضوء أو الغسل الحاصلين بذلك الماء الّذي لم يحصل في تطهيره الامتزاج ؛ وهو في حكم الترك فيترتّب استحقاق العقوبة عليه وهو منفيّ بالأصل ، لأنّ أدلّة الأصل مسوقة في سياق أصل التكليف لا ما يكون التكليف من لوازمه البعيدة ، وإلّا أمكن التوصّل به إلى نفي كلّ حكم وضعي وهو خلاف الطريقة المستمرّة عند العلماء ، فاستصحاب النجاسة حينئذ لا مدفع له ، ولكن بملاحظة ما ذكرناه من قيام احتمال كون الوحدة المأخوذة في الملازمة المجمع عليها هي الوحدة العرفيّة الغير الحاصلة إلّا بالممازجة.
ومنها : أنّ اتّصال القليل بالكثير قبل ورود النجاسة كاف في دفعها فكذا ما بعده ، لأنّ عدم قبول النجاسة في الأوّل إنّما هو لصيرورة الماءين ماء واحدا بالاتّصال.
وفيه : ما لا يخفى من فساد الوضع ، لأنّ دعوى الملازمة بين الوحدة الحاصلة بالاتّصال وزوال النجاسة إن كانت لمجرّد ثبوت الملازمة بينها وبين عدم قبول الانفعال كما هو صريح الاستدلال ، ففيه : أنّه قياس ، ومع الفارق ، لوضوح الفرق بين مقامي الدفع والرفع ، وإن كانت لأمر خارج كالإجماع ونحوه فبطل توسيط مسألة الدفع حينئذ ، ومع ذلك فكفاية الوحدة الحاصلة لمجرّد الاتّصال في مورد الإجماع أوّل الدعوى ، لأنّها وحدة حسّيّة ولعلّ المأخوذ في مورد الإجماع هو الوحدة العرفيّة الّتي لا يتفاوت فيها العالم والجاهل ، وقد عرفت أنّها لا تتأتّى إلّا بالمداخلة ، وأقلّ مراتب هذا الاحتمال تحقّق موضوع الاستصحاب وهو كاف في لزوم اعتبار الممازجة تحصيلا للرافع اليقيني.
ومنها : ما عرفت عن منتهى العلّامة (١) من أنّ الاتّفاق واقع على أنّ تطهير ما نقص عن الكرّ بإلقاء كرّ عليه ، ولا شكّ أنّ المداخلة ممتنعة فالمعتبر إذن الاتّصال الموجود هنا.
وفيه : أنّ المداخلة المحكوم عليها بالامتناع إن اريد بها دخول الأجزاء بعضها في بعض حتّى الأجزاء الصغار من أحد الماءين فيها من الماء الآخر دخولا حقيقيّا
__________________
(١) منتهى المطلب ١ : ٦٥.