الجميع فيما يكون واجبا مع تعذّره.
وقد يستدلّ على الحكمين معا بأنّه : ماء محكوم بنجاسته فيجب إخراجه أجمع ، ومع التعذّر التراوح كما في غيره من النجاسات المقتضية لنزح الجميع.
والجواب عن الجميع : بأنّ ترك العمل بما تقدّم من الأخبار الدالّة على كفاية زوال التغيّر في التطهير مع كونها أظهر دلالة وأكثر عددا والمصير إلى هذا القول عملا بالوجوه المذكورة ـ مع تبيّن ضعف بعضها ـ خلاف الإنصاف ؛ وحمل الأخبار المشار إليها على الاستحباب أو على صورة توقّف الزوال طريق الجمع ، فوجوب نزح الجميع لإزالة التغيّر غير ثابت ليقوم مقامه التراوح عند التعذّر.
والاستدلال بالموثّقة لإيجاب التراوح ليس في محلّه ، لعدم اعتبار كونه في الرواية للتغيّر ، وتنزيلها إليه تأويل يلتزم به لمجرّد الجمع فلا يصلح مستندا لإيجاب الجميع ، ودعوى كون النجاسة الحاصلة بالتغيّر غير منصوص المقدّر مع ورود الأخبار المتقدّمة المعتبرة الواضحة الدلالة في غاية الغرابة ، والوجه الأخير القائم على الحكمين معا لا يرجع إلّا إلى المصادرة فلا يلتفت إليه ، ولو اريد الاستناد فيه إلى الاستصحاب فيردّه : ورود الدليل على كفاية زوال التغيّر كما عرفت.
وثالثها : ما عزى إلى الشيخ في النهاية (١) والمبسوط (٢) وعن كاشف الرموز : (٣) أنّه نقله عن المقنعة من أنّه ينزح الجميع ومع تعذّره فإلى زوال التغيّر ، ومستنده على ما قيل الجمع بين النوعين المتقدّمين من أخبار التغيّر ، بحمل ما دلّ منها على نزح الجميع على صورة الإمكان وما دلّ منها على اعتبار زوال التغيّر على صورة تعذّر نزح الجميع.
وفيه : أنّ حمل النوع الثاني على صورة تعذّر نزح الجميع ليس بأولى من حمل النوع الأوّل على صورة توقّف زوال التغيّر على نزح الجميع ، بل الأولى هو هذا لكونه في الحقيقة تصرّفا في خبر واحد وهو صحيحة أبي خديجة ، لما عرفت من أنّ الدالّ على نزح الجميع خبران أحدهما لقصور سنده ـ وهو رواية منهال ـ غير صالح لمعارضة ما سبق من المعتبرة بخلاف الأوّل فإنّه تصرّف في عدّة أخبار معتبرة.
__________________
(١) النهاية ونكتها ١ : ٢٠٩.
(٢) المبسوط ١ : ١١.
(٣) كشف الرموز ١ : ٥٧ ـ ٥٦ وفيه : « قال الشيخان : مع تعذّر نزح الكلّ ، ينزح حتّى يطيب ».