والمصباح المنير (١) ومختصر الصحاح : (٢) « أنّه من الإبل بمنزلة الإنسان من الناس » ، ومقتضاه أنّه يشمل الذكر والانثى ، كما هو المصرّح به في كلام غير واحد من الأصحاب كمنتهى العلّامة (٣) وغيره ـ على ما حكي ـ كالحلّي (٤) ، والمقداد (٥) ، والمحقّق الأوّل (٦) ، والثاني الشيخ عليّ (٧) ، والفاضل الهندي (٨) ، وثاني الشهيدين (٩) ، وغيرهم ، بل عن الفاضل دعوى اتّفاق أهل اللغة عليه (١٠) ، لكن يستفاد منه الميل ـ في كلام محكيّ عنه ـ إلى أنّ ذلك إنّما هو بحسب أصل اللغة وإلّا ففي العرف شاع استعماله في الذكر خاصّة ، كما إليه يرجع ما حكاه عن الشافعي من القول في الوصيّة بأنّه لو قال : « أعطوه بعيرا » لم يكن لهم أن يعطوه ناقة ، فحمل « البعير » على الجمل ، لأنّ الوصيّة مبنيّة على عرف الناس لا على محتملات اللغة الّتي لا يعرفها إلّا الخواصّ (١١).
وعليه أمكن الجمع بين ما عرفت عن الأئمّة وما عن الغزالي في البسيط من : « أنّ المذهب أنّه لا تدخل فيه الناقة » (١٢) ، لكنّه لا يجدي نفعا في صحّة حمل الخطاب الشرعي على المطلق على فرض صدق دعوى الانصراف العرفي إلى الذكر ، لظهور عدم كون نظيره من الامور الحادثة بعد زمن الخطاب ، وعليه اتّجه القول بأولويّة إلحاق الناقة بما لا نصّ فيه.
ثمّ في شمول « البعير » كالإنسان للكبير والصغير كلام لهم تبعا لما عن أهل اللغة من الاختلاف في ذلك ، فعن النهاية الأثيريّة (١٣) كما عن ظاهر فقه اللغة (١٤) ـ للثعالبي ـ التعميم ، وعليه القطع في المنتهى (١٥) ، كما عن المعتبر (١٦) ، والذكرى (١٧) ، ووصايا التذكرة (١٨) ، والقواعد (١٩).
__________________
(١) المصباح المنير : مادّة « البعير » ، ص ٥٣.
(٢) مختار الصحاح : مادّة « ب ع ر ».
(٣) منتهى المطلب ١ : ٧٤.
(٤) السرائر ١ : ٧٠. (٥) التنقيح الرائع ١ : ٤٦.
(٦) المعتبر : ١٥. (٧) جامع المقاصد ١ : ١٣٨.
(٨ و ١٠ و ١١) كشف اللثام ١ : ٣٢١. (٩) روض الجنان : ١٤٧.
(١٢) حكى عنه في كشف اللثام بقوله : « وقال الغزالي في بسيطه : الخ » ١ : ٣٢٢.
(١٣) النهاية في غريب الحديث ؛ مادّة « إبل » ١ : ١٦.
(١٤) فقه اللغة ؛ مادّة « بعر » : ٨٦.
(١٥) منتهى المطلب ١ : ٧٤.
(١٦) المعتبر : ١٩. (١٧) ذكرى الشيعة ١ : ٩٩.
(١٨) تذكرة الفقهاء ٢ : ٤٨٥.
(١٩) قواعد الأحكام ١ : ١٨٨.