لصدق الإراحة ، وليس ببعيد سيّما على التعبّد.
ومنها : قال في الروضة : « ويجوز لهم الصلاة جماعة ، لا جميعا بدونها ، ولا الأكل كذلك » (١) وفي المدارك : « قيل [إنّه] يستثنى لهم الأكل جميعا ، والصلاة جماعة » (٢) ، ثمّ نفى عنه البأس تعليلا بقضاء العرف بذلك.
وأورد عليه : بأنّ مسألة التراوح حكم شرعي فلا دخل لمعرفة العرف فيه ، وظاهر الخبر امتداد النزح إلى الليل ، والغالب فيه التعبّد ، ولذا لا يكفي فيه الليل ولا الملفّق » (٣).
وفيه : أنّ مقصود المتمسّك بالعرف أنّه يفهم من خطاب التراوح عرفا الترخيص في الاجتماع للأكل والصلاة ، فلا ينافيه كون مسألة التراوح حكما شرعيّا ، ولا ظهور الخبر في الامتداد إلى الليل ، لأنّ معنى الامتداد حينئذ عدم التقاعد عن الاشتغال جميعا في غير ما ساعد العرف على الترخيص فيه ، وعدم منافاته للامتداد.
نعم ، عن بعض المحقّقين الاستشكال في الاجتماع لغير صلاة الجمعة ، إذ دليل الجماعة أعمّ من دليل التراوح من وجه والأصل بقاء نجاسة البئر ، كيف ولو اعتبر هذا العموم لدخل سائر المستحبّات كقضاء حاجة المؤمن وتشييع الجنازة ، ودعوى استثناء الصلاة من اللفظ عرفا أو عادة محلّ تأمّل.
وربّما يتأمّل أيضا في طهارة البئر لو ترك النزح لصلاة الجمعة أيضا ، لإمكان تطهيرها في غير يومها.
وقد يعترض على دعوى استثناء الجماعة للصلاة بأنّ اللازم عليهم استثناء زمان مقدّمات الجماعة كالسعي والانصراف إلى المسجد ونحوه ، وبالجملة هذه الأحكام كلّها على خلاف الاحتياط ؛ وبناء العرف في خصوص المقام غير معلوم وإن ادّعي ثبوته على الترخيص في الاجتماع.
ومنها : أنّ المشهور المدّعى عليه الشهرة كون العبرة في كيفيّة تراوح القوم اثنين اثنين اشتغال كلّ اثنين معا بالنزح ، بأن يستقيا بدلو واحد ويتجاذبا إيّاه إلى أن يتعبا فيقعدان وقام الآخران مشتغلين متجاذبين كذلك ، وعن ثاني الشهيدين في روض الجنان : « أنّ
__________________
(١) الروضة البهيّة ١ : ٤٤.
(٢) مدارك الأحكام ١ : ٦٨.
(٣) المورد هو المحقّق البهبهاني في حاشية مدارك الأحكام ١ : ١٢٠.