إرسال الدلو إلى البئر ، وهو بعيد بل منفيّ ببطلان الترجيح من غير مرجّح ، حيث إنّ ذلك لا يعقل إلّا في الدلو الأوّل الّذي يشرع به.
ومنها : أنّ قضيّة القاعدة المشار إليها بملاحظة مفهوم « القوم » الظاهر في الرجال إن لم نقل باختصاصه بهم ـ كما يقتضيه المحكيّ عن الصحاح (١) والنهاية الأثيريّة (٢) ، وقوله عزّ من قائل : (لا يَسْخَرْ قَوْمٌ مِنْ قَوْمٍ وَلا نِساءٌ مِنْ نِساءٍ) (٣) وقول زهير : « أقوم آل حصن أم نساء » ، مضافا إلى ورود التصريح بهم بالخصوص في الرضوي على تقدير العمل به ـ عدم الاجتزاء بالنسوان ولا الصبيان ولا الخناثي ، وإن نهض كلّ واحد من هؤلاء بعمل الرجال ، وهو المصرّح به في كلام غير واحد عدا العلّامة في المنتهى (٤) ، حيث استشكل في عدم إجزاء هؤلاء لو ساوت قوّتهم قوّة الرجال ، بل عن بعض الأصحاب ـ كما في المدارك ـ (٥) الاجتزاء بهم ، واستحسنه في الكتاب على تقدير عدم قصور نزحهم عن نزح الرجال ، وهذا جيّد على القول بكون النزح للتطهير ، للقطع بعدم مدخليّة الرجوليّة في ذلك.
وأمّا على القول به تعبّدا فالإشكال قويّ في غاية القوّة ، ولعلّه الداعي إلى ما عرفته من العلّامة من حيث إنّه في المسألة قائل بطهارة البئر ووجوب النزح تعبّدا كما تبيّن آنفا.
ومنها : أنّ قضيّة إطلاق « القوم » في الخبر الأوّل ، وإطلاق قوله عليهالسلام : « يتراوحون اثنين اثنين » عدم انحصار العدد المعتبر هنا في الأربعة ، وكفاية الزائد عليه ما لم يؤدّ الكثرة إلى صرف الوقت بالبطء ونحوه ، ولا ينافيه ما في الرضوي من تخصيص الأربعة بالذكر ـ على تقدير العمل به ـ بعد ملاحظة أنّ العدد لا مفهوم له ، فتأمّل.
نعم ، قضيّة ما ذكر من اعتبار التراوح بين اثنين اثنين في النزح عدم كفاية ما دون الأربعة اقتصارا على مورد النصّ ، كما صرّح به غير واحد ، وإن كان العلّامة في المنتهى (٦) قد استقرب إجزاء نزح الاثنين إن امتدّ نزحهما إلى الليل وعلم مساواته لتراوح الأربعة ، وهذا قويّ على تقدير اعتبار النزح للتطهير كما عرفت.
وقد يقال : باعتبار قيام الآخرين للنزح في أوّل زمان تعب الأوّلين وكلّهما تحصيلا
__________________
(١) الصحاح ٥ : ٢٠١٦ مادّة « قوم ».
(٢) النهاية في غريب الحديث ؛ مادّة « قوم » ٤ : ١٢٤.
(٣) الحجرات : ١١.
(٤) منتهى المطلب ١ : ٧٤.
(٥) مدارك الأحكام ١ : ٦٨.
(٦) منتهى المطلب ١ : ٧٤.