دلاء » (١) وحملها الشيخ على نظير ما سبق من إرادة بيان الحكم لبعض المذكورات.
ولا يخفى أنّ اختلاف هذه الروايات وغيرها من روايات البول قرينة واضحة على المختار من عدم نجاسة البئر وعدم وجوب نزحها ، لأنّ الاستحباب هو الّذي لا ينافيه هذا الاختلاف ، لاختلاف مراتب الفضل والرجحان.
وأمّا الحكم في بول الرجل فقد أسنده في المدارك (٢) إلى الخمسة وأتباعهم ، وعن الغنية (٣) والسرائر (٤) الإجماع عليه ، ومستنده الرواية المرويّة ـ في التهذيبين ـ عن عليّ ابن أبي حمزة عن أبي عبد الله عليهالسلام قال : سألته عن بول الصبيّ الفطيم يقع في البئر؟ فقال : « دلوا واحدة » ، قلت : بول الرجل؟ قال : « ينزح منها أربعون » (٥).
والرواية واضحة الدلالة على المطلوب ، غير أنّه قد يستشكل بالنظر إلى سندها من جهة عليّ بن أبي حمزة المجروح عندهم ، المرميّ بالوقف ، لكن الخطب فيه أيضا سهل بعد ملاحظة الانجبار بالشهرة كما صرّح به جماعة منهم المحقّق ـ على ما حكي ـ قائلا : « إنّها مجبورة بعمل الأصحاب » (٦).
وعن المنتهى : « أنّ عليّ بن حمزة لا يعوّل على روايته ، غير أنّ الأصحاب قبلوها وبذلك يطرح ما يعارضها من الأخبار » (٧).
وفي حاشية المدارك ـ للمحقّق البهبهاني ـ : « أنّ الشيخ ادّعى إجماع الإماميّة على العمل برواية عليّ بن أبي حمزة ، مضافا إلى أنّ هذه الرواية منجبرة بالشهرة » (٨).
__________________
(١) الوسائل ١ : ١٨٤ ب ١٧ من أبواب الماء المطلق ح ٧ ـ التهذيب ١ : ٢٣٧ / ٦٨٤.
(٢) مدارك الأحكام ١ : ٨٢ ـ والمراد بالخمسة هم والد الصدوق والسيّد ، نقله عنهما في المعتبر ١٦.
والصدوق كما في الفقيه ١ : ١٧ ، والهداية ٣٠ ؛ والمفيد في المقنعة ٦٧ ؛ والشيخ كما في التهذيب ١ : ٢٤٣ ؛ والمبسوط ١ : ١٢ ؛ والنهاية : ٧. والمراد باتباعهم هما أبو الصلاح في الكافي في الفقه : ١٣٠ ؛ والسلّار في المراسم العلويّة : ٣٥.
(٣) غنية النزوع : ٤٩.
(٤) السرائر ١ : ٧٨.
(٥) الوسائل ١ : ١٨١ ب ١٦ من أبواب الماء المطلق ح ٢ ـ التهذيب ١ : ٢٤٣ / ٧٠٠ ـ الاستبصار ١ : ٣٤ / ٩٠.
(٦) المعتبر : ١٦.
(٧) منتهى المطلب ١ : ٨٦ وعبارة : « وبذلك يطرح ما يعارضها من الأخبار » لا يوجد في المنتهى ، بل هو من كلام الشيخ الأنصاري رحمهالله في كتاب الطهارة ١ : ٢٣١ الّذي نقل عنه المصنّف رحمهالله عبارة المنتهى ، ـ كما يظهر بالتتبّع ـ وزعم أنّه من تتمّة كلام العلّامة رحمهالله.
(٨) حاشية البهبهاني على مدارك الأحكام ١ : ١٣٦.