وروايتي كردويه ، إلّا أن يقال : صحيحة معاوية لم يعمل بها الأصحاب في حكم البول فلا عبرة بها ، وقد يقال : إنّ عدم عمل الأصحاب بها إنّما هو في بول الرجل لوجود مخصّص في الخارج ، وذلك لا يستلزم عدم العمل بها في بول المرأة ، إلّا أن يقال : إذا ثبت عدم العمل بها في بول الرجل فالتخصيص ليس بأولى من المجاز ، فليحمل على الاستحباب ؛ وكذا الحال في صحيحة ابن بزيع ، وأمّا روايتا كردويه فإحداهما خارجة عن البحث لاختصاصها بالمخالط بماء المطر ، وأمّا الاخرى فغير نقيّة السند ، فالعمل بها مشكل ، مع أنّ الأصحاب لم يعملوا بمضمونها ، وأيضا أنّها مختصّة ظاهرا بقطرة البول فلا نصّ فيما عداها.
وأمّا الثاني : فلأنّ رواية كردويه لا تصلح للاعتماد عليها مع ظهورها في القطرة ، والّذي يقتضيه النظر أن يكتفى في القليل منه بدلاء لصحيحة ابن بزيع ، مع تأيّدها بالأصل ، وأمّا في الكثير فلا يبعد الاكتفاء بالثلاثين ، لأنّه القدر المتيقّن ولا دليل على الزائد ، والأولى الأربعون ، والأحوط الجميع » (١) ، انتهى ملخّصا. وهذا كما ترى قول آخر اختاره وهو فرق في بول المرأة بعد الفرق بينه وبين بول الرجل بين قليله وكثيره ، فعلم أنّ المسألة ذات أقوال ، وحيث إنّا لا نقول بالنجاسة ولا بوجوب النزح فلا جدوى للتعرّض لجرح هذه الأقوال وتعديلها.
وثانيها : عن ظاهر الأكثر عدم لحوق الخنثى بالرجل ، وعن بعضهم استقرب إلحاقه بما لا نصّ فيه ، وعن المسالك : « والأجود في بول الخنثى وجوب أكثر الأمرين من الأربعين وما يجب لما لا نصّ فيه » (٢).
وفي الروضة ـ بعد إلحاقه بما لا نصّ فيه ـ : « ولو قيل فيما لا نصّ فيه بنزح ثلاثين أو أربعين وجب في بول الخنثى أكثر الأمرين منه ومن بول الرجل مع احتمال الاجتزاء بالأقلّ » (٣) انتهى.
وفي حكم الخنثى الممسوح وهو الّذي ليس له ما للرجال ولا للنساء.
وثالثها : قضيّة إطلاق الرجل في مورد النصّ عدم الفرق فيه بين المسلم وغيره ، كما
__________________
(١) مشارق الشموس : ٢٣٠.
(٢) مسالك الأفهام ١ : ١٧.
(٣) الروضة البهيّة ١ : ٣٨.