ومنها : رواية أبي سعيد المكاري ـ المرويّة في التهذيبين ـ عن أبي عبد الله عليهالسلام قال : « إذا وقعت الفأرة في البئر فتسلّخت فانزح منها سبع دلاء » (١) ، ولا بأس بما فيهما من الضعف بعد ملاحظة قضيّة الانجبار بالشهرة ، وبذلك تنهضان لتقييد الروايتين المطلقتين وما في معناهما ، وإن كان فيهما ما هو موثّق ، ولا ضير في اختلاف القيدين الواردين فيهما من حيث إنّ « الانسلاخ » يغاير « التفسّخ » ، لابتناء العمل بهما معا على كفاية أحد الأمرين في انعقاد الحكم ، فليحمل الإطلاق في غيرهما على ما يتحقّق معه أحد الأمرين ، وممّن صرّح بكفاية أحد الأمرين المحقّق في النافع (٢) ـ على ما حكي عنه ـ وإن لم نجده فيه.
وأمّا الصنف الثالث من الروايات ، فمنها : صحيحة الفضلاء الثلاث زرارة ، ومحمّد بن مسلم ، وبريد بن معاوية العجلي عن أبي عبد الله عليهالسلام وأبي جعفر عليهماالسلام في البئر يقع فيها الدابّة ، والفأرة ، والكلب ، والطير فيموت؟ قال : « يخرج ، ثمّ ينزح من البئر دلاء ، ثمّ اشرب [منه] وتوضّأ » (٣) ، وصحيحة أبي العبّاس الفضل البقباق ، قال : قال أبو عبد الله عليهالسلام : في البئر يقع فيها الفأرة أو الدابّة ، أو الكلب ، أو الطير فيموت؟ ، قال : « يخرج ثمّ ينزح من البئر دلاء ، ثمّ يشرب منه ويتوضّأ » (٤).
وهاتان الروايتان وما في معناهما قابلة لأن تحمل على ما تقدّم لإجمالهما أو إطلاقهما ، ولك أن تحملهما على صحيحة معاوية بن عمّار ، قال : سألت أبا عبد الله عليهالسلام عن الفأرة والوزغة تقع في البئر؟ قال : « ينزح منها ثلاث دلاء » (٥) تقليلا للتقييد بناء على حمل الصحيحة على ما يتحقّق معه أحد الأمرين ، لا بحيث رجع مفاده إلى اعتبار الفأرة بشرط لا ، فإنّ ذلك أيضا نوع من التقييد ، بل بمعنى حملها على الماهيّة المطلقة خرج عنها بعض أفرادها بالدليل ، فيقال : إنّ هذه الماهيّة من حكمها أن ينزح لها ثلاث
__________________
(١) الوسائل ١ : ١٨٧ ب ١٩ من أبواب الماء المطلق ح ١ ـ التهذيب ١ : ٢٣٩ / ٦٩١ ـ الاستبصار ١ : ٣٩ / ١١٠.
(٢) لم نجده أيضا في النافع ، لاحظ المختصر النافع : ٤٣ ، حيث قال : « وللفأرة إن تفسّخت ـ سبع ـ وإلّا فثلاث الخ ».
(٣ و ٤) الوسائل ١ : ١٨٣ و ١٨٤ ب ١٧ من أبواب الماء المطلق ح ٥ و ٦ ـ التهذيب ١ : ٢٣٦ و ٢٣٧ / ٦٨٢ و ٦٨٥ ـ الاستبصار ١ : ٣٦ و ٣٧ / ٩٩ و ١٠٠.
(٥) الوسائل ١ : ١٨٧ ب ١٩ من أبواب الماء المطلق ح ٢ ـ التهذيب ١ : ٢٣٨ / ٦٨٨.