فيكفي حينئذ الخمس » فيدخل الثانية من الصورتين في حكم الخمس أيضا ، فالداخل في حكم الخمس أربع صور من الستّ المذكورة ، والباقي تحت السبع صورتان.
وأنت خبير بأنّه يمكن انعكاس الفرض أيضا بحيث كان الداخل في حكم السبع أربع صور والباقي تحت الخمس صورتين ، وإنّما يتأتّى ذلك بطريق خر للجمع ، وهو طرح مطلق كلّ في جانب الخمس بمقيّد الاخرى في جانب السبع ، وقضيّة ذلك دخول الصورتين المذكورتين موردا للتعارض في حكم السبع ، فيبقى تحت الخمس ما لو كانت البالوعة في الأرض الصلبة أسفل من البئر أو مساوية لها.
وإلى ذلك ينظر عبارة الإرشاد المتقدّمة على النسخة الّتي فيها « أو » ، وكان منشؤها اختيار هذا الطريق من الجمع على خلاف ما اختاره المشهور ، ومن هنا ترى شارح الدروس اعترض على مختار المشهور بأنّ : « طريق الجمع لا ينحصر فيما ذكر ، إذ كما يقيّد الحكم بالسبعة في الموضعين ، يمكن أن يقيّد الحكم بالخمسة فيهما ، لكن الأولى متابعة المشهور مع التأييد بالأصل » (١) انتهى.
وإن كان صاحب الحدائق تصدّى بدفعه قائلا : « لا يخفى أنّ الغرض من التحديد في هذه الأخبار والشروط المذكورة فيها إنّما هو منع تعدّي ماء البالوعة إلى البئر ، فمع السهولة فيما عدا صورة علوّ قرار البئر لمّا كان مظنّة التعدّي كان اعتبار البعد بالسبعة أليق ، ومع الصلابة وكذا مع علوّ قرار البئر في السهلة لمّا كان مظنّة عدم التعدّي حسن الاقتصار على الخمسة ، فلا يحتاج إلى قيد خر » (٢).
وعن الشهيد الثاني في الروض المناقشة في مستند المشهور ، بقوله : « والرواية الّتي هي مستند الحكم ليس فيها ما يدلّ على حكم التساوي فهو مسكوت عنه » (٣) انتهى.
ولعلّه إلى دفع هذه المناقشة ينظر ما قد يتكلّف في بيان وجه جمع المشهور ، ويقال : « وجمع المشهور بينهما بتقييد حكم السبع في الروايتين مع إرادة عدم فوقيّة البئر من الفقرة الثانية من الرواية الاولى ، لأنّ المتبادر من مثله نقيض الشرطيّة الاولى لا ضدّها » (٤) انتهى.
__________________
(١) مشارق الشموس : ٢٤٦.
(٢) الحدائق الناضرة ١ : ٣٨٧.
(٣) روض الجنان : ١٥٧.
(٤) كتاب الطهارة ـ للشيخ الأنصاري رحمهالله ـ ١ : ٢٦٧.