بمضاف وإن تغيّر وصفه لونا كالممتزج بالتراب ، أو طعما كالممتزج بالملح وإن اضيف إليهما ، والعبرة فيهما بالصدق العرفي وعدمه ، ولو اشتبه العرف أو اشتبه الأمر على العرف بتردّد الموضوع بين المطلق والمضاف يرجع في إحراز أحد العنوانين أو الأحكام المترتّبة عليهما إلى الاصول والقواعد المقرّرة ، وذلك يتأتّى في صور :
منها : ما لو وجد مائع وتردّد ابتداء بين المطلق والمضاف من غير تبيّن حالته السابقة ، وفي مثله لا أصل يحرز به العنوان ، وأمّا الأحكام فبالنسبة إلى انفعاله بملاقاة النجاسة فالأصل هو الانفعال إذا كان قليلا ، لأنّه إن كان في الواقع مطلقا فحكمه هذا وإن كان مضافا فأولى بذلك.
وإذا كان كثيرا فقد يتوهّم فيه الطهارة لأصالة عدم الانفعال ، وليس كما توهّم ، لما هو المعلوم من ضرورة المتشرّعة وتتبّع الأخبار الجزئيّة الواردة في الأبواب المتفرّقة من أنّ النجس معدّ لتنجيس ما يلاقيه كائنا ما كان عدا ما كان منه مخرجا بالدليل من المواضع المخصوصة الّتي ليس المقام منها ، فإنّ ذلك أصل كلّي مستفاد من الشرع وارد على الأصل المذكور ونظائره ، ومن علامات هذا الأصل أنّ المركوز في قاطبة الأذهان من عالم أو عامّي مطالبة من [يدّعي] (١) عدم التنجيس في مواضع ملاقاة الطاهر مع النجس مع تحقّق شرائط السراية الّتي منها الرطوبة.
ولو قيل : هذا الأصل يكذّبه ما استقرّ في الأذهان من مطالبة من يدّعي انفعال الماء القليل الراكد بالملاقاة ، فلو أنّ الأصل ثابت لكان كافيا في الدلالة.
لدفعه : أنّ ذلك إنّما هو من جهة مخالفة هذه الدعوى لأصل ثانوي ثابت في الماء خاصّة ، من أنّه بحسب الخلقة الأصليّة طاهر ، وأنّ الطبيعة المائيّة مقتضية للطهارة غير قابلة للنجاسة عدا ما خرج منه بالدليل وهو القليل الراكد عند من يقول بانفعاله ، فإنّ الماء بمقتضى هذا الأصل من جملة المخرجات عن الأصل المذكور.
مع إمكان أن يقال : إنّ الداعي إلى ذلك وإلى تجشّم الاستدلال على الانفعال بأدلّة خاصّة ، حدوث القول بعدم الانفعال استنادا إلى أدلّة خاصّة لو تمّت دليلا لما كان الأصل
__________________
(١) وفي الأصل : « مدّعي » والصواب ما أثبتناه في المتن.