صالحا للمعارضة لها ، فالغرض من تجشّم الاستدلال دفع هذا القول وردّ أدلّته ، فليتأمّل.
وقد يستظهر هذا الأصل عن قوله عزّ من قائل : (وَالرُّجْزَ فَاهْجُرْ) (١) ، أو يؤيّد باستدلال الغنية (٢) على نجاسة القليل بالملاقاة بتلك الآية.
ولا يخفى وهنه ـ بعد تسليم كون الآية محمولة على المعنى المبحوث عنه ـ فإنّ أقصى ما يستفاد منها وجوب الاجتناب عن « الرجز » الّذي هو النجس أو المتنجّس أيضا ، وليس ذلك إلّا كبرى كلّيّة ، فإن اريد بصغرى تلك الكبرى كون ملاقي النجس رجزا فهو أوّل المسألة ، بل لا يكاد يستقيم ذلك إلّا بإثبات وصف الرجزيّة من الخارج ، وهو ليس استدلالا بالآية ، ولو اريد بها نفس النجس الّذي لاقاه الطاهر فالكبرى بالقياس إليه مسلّمة ، لكنّه لا يجدي نفعا في ثبوت دعوى سراية ما فيه من النجاسة إلى ملاقيه ، كما لا يخفى.
وأمّا حكمه بالنسبة إلى إفادته التطهير عن حدث أو خبث ، فمبنيّ على المباحث الآتية ، فإن ثبت فيها أنّ المضاف صالح لذلك مطلقا أو في الجملة يلزمه كون المقام صالحا له كذلك ، لأنّه إمّا مطلق أو مضاف والكلّ صالح له.
ومنها : ما لو امتزج المطلق بمضاف خاصّ على وجه يعلم معه بعدم صدق الاسمين عليه ، فتحقّق عنوان المضاف على الوجه الكلّي ممّا لا ريب فيه بنفس الفرض ، مع ملاحظة انتفاء الواسطة بحسب الشرع فيما بين المطلق والمضاف ، وعدم اندراج المفروض في اسم نوع خاصّ منه لا يوجب خروجه عن عنوانه الكلّي ، مع عدم اندراجه في اسم المطلق أيضا ، فهو مضاف لا اسم له بالخصوص.
وقضيّة ذلك عدم ترتّب أحكام الماء عليه كائنة ما كانت ، لأنّ الخروج عن الاسم كاف في العدم ، ولا يمكن استصحاب تلك الأحكام لتيقّن ثبوتها قبل هذه الحالة في هذا الموضوع الخارجي.
أمّا أوّلا : لتبدّل المشار إليه السابق بالامتزاج وإن اعتبرنا الشخص ، فإنّ الموجود بعد الامتزاج ليس بعين ما كان قبل الامتزاج ليترتّب عليه الأحكام السابقة.
__________________
(١) المدّثر : ٥.
(٢) غنية النزوع : ٤٦.