على المشهور المنصور من الجمع بين الانفعال والرفع على الوجه الّذي سبق بيانه في محلّه ، وهو الحقّ الّذي لا محيص عنه.
والحجّة فيه بعد الإجماع الضروري فتوى وعملا ، بعض الأخبار الواردة في مواضع مخصوصة من المضافات ـ بل مطلق المائعات وإن كانت من قبيل الأدهان ، مع ضميمة الإجماع على عدم الفصل ـ مثل ما رواه التهذيب في باب الأطعمة والأشربة عن زكريّا ابن آدم قال : سألت أبا الحسن عليهالسلام عن قطرة خمر ، أو نبيذ مسكر ، قطرت في قدر فيه لحم [كثير] ومرق كثير؟ قال : « يهراق المرق ، أو يطعمه أهل الذمّة [أ] والكلاب ، واللحم اغسله وكله » (١).
وما رواه أيضا في الباب المذكور عن السكوني عن أبي عبد الله عليهالسلام أنّ أمير المؤمنين عليهالسلام سئل عن قدر طبخت ، وإذا في القدر فأرة؟ قال : « يهراق مرقها ، ويغسل اللحم ، ويؤكل » (٢).
وما رواه أيضا عن زرارة عن أبي جعفر عليهالسلام قال : « إذا وقعت الفأرة في السمن فماتت ، فإن كان جامدا فألقها وما يليها ، وكل ما بقي ، وإن كان ذائبا فلا تأكله واستصبح به ، والزيت مثل ذلك » (٣).
فما في شرح [الدروس] من المناقشة في الخبر الأخير من : « أنّه ليس ممّا نحن فيه ، إذا المضاف في اصطلاحهم لا يشمل الدهن والزيت » (٤) ، ليس على ما ينبغي القاعدة المستفادة من الشرع بملاحظة بناء المتشرّعة والأخبار المتفرّقة في الأبواب الفقهيّة ، من أنّ كلّ مائع ـ بل كلّ جامد رطب ـ قابل للانفعال بملاقاة النجاسة ، وأنّ كلّ نجس معدّ لتنجيس ملاقيه برطوبة ، عدا ما خرج بالدليل.
ولنذكر نبذة من الأخبار الّتي يستفاد منها تلك الكلّيّة وهي كثيرة جدّا.
منها : ما رواه في الوسائل عن عليّ بن جعفر في كتابه ، عن أخيه موسى بن جعفر عليهالسلام قال : سألته عن الرجل يكون له الثوب قد أصابه الجنابة ، فلم يغسله هل
__________________
(١) الوسائل ٣ : ٤٧٠ ب ٣٨ من أبواب النجاسات ح ٨ ـ التهذيب ١ : ٢٧٩ / ٨٢٠.
(٢ و ٣) الوسائل ١ : ٢٠٥ ب ٥ من أبواب الماء المضاف ح ٣ و ١ ـ التهذيب ٩ : ٨٦ و ٨٥ / ٣٦٥ و ٣٦٠.
(٤) مشارق الشموس : ٢٥٧.