وهذا الممازج لا يخرج عن الاسم بسبب الموافقة في الأوصاف ، فيعتبر بغيره (١) كما يفعل في حكومات الجرائح » (٢) وإليه يرجع ما عن المحقّق الثاني في بعض فوائده من أنّه بعد ما اختار التقدير وجّهه : « بأنّ الحكم لمّا كان دائرا مع بقاء اسم الماء مطلقا ، وهو إنّما يعلم بالأوصاف ، وجب تقدير بقائها قطعا كما يقدّر الحرّ عبدا في الحكومة » (٣).
ولا يخفى أنّ التأمّل في هذه الكلمات وما ذكر من التعليلات يعطي أنّهم متسالمون في أنّ العبرة في ترتيب الأحكام على المتخالطين إنّما هي بإطلاق الاسم عرفا ، فما يطلق عليه اسم الماء عرفا يرتّب عليه أحكام الماء الّتي منها الطهوريّة ، وما يطلق عليه اسم المضاف خصوصا أو عموما يرتّب عليه أحكام المضاف الّتي منها عدم الطهوريّة ، وأنّ ما اشتبه الحال فيه يرجع لاستعلام حكمه إلى الاصول ، وظاهر كلام الشيخ أنّ الأكثريّة في أحد المتخالطين ميزان لبقاء الاسم مطلقا كان أو مضافا ، ومعنى قوله : « حكم للأكثر » حكم على ما حصل بالاختلاط بالاسم الّذي هو للأكثر ، أي لأكثرهما.
وأمّا مع التساوي فالميزان المميّز لأحد العنوانين مفقود ، ومعه يدخل الموضوع في عنوان المشتبه الّذي يرجع فيه إلى الاصول ، وهذا المقدّر على ما يستفاد من الحكاية متّفق عليه بينه وبين ابن البرّاج ، واختلافهما راجع إلى تعيين الأصل الّذي يرجع إليه في مشتبه الحال ، فرجّح الشيخ كونه أصل الإباحة القاضية بجواز الاستعمال ، ثمّ جعل الجمع بين الاستعمال والتيمّم أحوط ، وخالفه ابن البرّاج فرجّح الأصل كونه الاحتياط القاضي بالاجتناب وترك الاستعمال.
ومخالفة العلّامة لهما ترجع إلى منع كون المفروض من صور الاشتباه الّذي يرجع فيه إلى الاصول ، بناء على أنّ الاشتباه المسوّغ لذلك ما لم يكن إلى دفعه طريق والمقام ليس منه ، لأنّ تقدير المخالفة في الأوصاف بين المتخالطين ثمّ حمل المفروض على ما يقتضيه اعتبار التقدير ، من كونه من موارد إطلاق اسم المطلق أو من موارد إطلاق اسم المضاف طرق إلى رفع الاشتباه ، واستعلام الحال في الواقع من إطلاق أحد الاسمين عرفا ، فإنّ الاشتباه مانع للعرف عن الإطلاق وموجب للتوقّف ما دام هو موجودا ،
__________________
(١) كذا في الأصل ، وفي نسخة الموجودة بأيدينا : « تغيّره » بدل « بغيره ».
(٢) نهاية الإحكام ١ : ٢٢٧.
(٣) حكاه عنه في فقه المعالم ١ : ٤٣١.