إلى نادر لا دلالة للفظ السائل (١) عليه ، وذلك بعيد ومحال من حيث إنّه تأخير البيان عن وقت الحاجة » انتهى (٢).
ومحصّل مراده : أنّ الغالب في الهرّة وغيرها من السباع إنّما هو مباشرة النجاسات من الجيف وغيرها ، وما لم يباشرها منها أصلا ليس إلّا فردا نادرا ، والنصوص قد تضمّنت نفي البأس عن أسئارها فتكون دالّة على طهارتها ، فإمّا أن يراد بها بيان الحكم للفرد النادر وهو الّذي لم يباشر النجاسات أصلا ، أو للأفراد الغالبة الّتي لا تنفكّ عن مباشرة النجاسات ، ولا سبيل إلى الأوّل لانصراف اللفظ المجرّد إلى الغالب ، فلو كان المراد به بيان الحكم للفرد النادر لوجب التنصيص عليه بنصب قرينة توجب انفهامه لئلّا يلزم تأخير البيان عن وقت الحاجة ، من حيث إنّ السائل لا دلالة للفظه على إرادة ذلك الفرد بل هو ظاهر في إرادة الغالب ، ومن الواجب انطباق الواجب عليه حذرا عن المحذور فتعيّن الثاني.
لكن يبقى الإشكال في وجه تقييدهم الطهارة بصورة زوال عين النجاسة عن موضع الملاقاة ، نظرا إلى إطلاق النصوص بالقياس إلى تلك الصورة أيضا ، وكأنّه نشأ عن غلبة اخرى في مورد الغلبة الاولى ، إذ كما أنّ الغالب في الهرّة وغيرها من السباع مباشرة النجاسات ، فكذلك الغالب فيما يباشرها وروده على الماء بعد زوال عين النجاسة عن موضع ملاقاة الماء ، إذ لا ملازمة بين غلبة مباشرة النجاسة وغلبة ملاقاة الماء مع النجاسة ، بل الغالب عند الملاقاة عدم وجود النجاسة ، فيكون الفرد النادر ـ وهو ملاقاة الماء مع وجود النجاسة ـ خارجا عن النصوص المنصرفة إلى الغالب.
وقضيّة ذلك اندراج تلك الصورة في قاعدة انفعال القليل بملاقاة النجاسة ، فاشتراط الخلوّ عن عين النجاسة عمل بتلك القاعدة حيث لا معارض لها حينئذ لا أنّه مستفاد من النصوص.
ويمكن القول بأنّ ذلك جمع بين تلك النصوص وأدلّة القاعدة المذكورة ، من حيث
__________________
(١) هكذا في الأصل ، وفي النسخة المطبوعة : « الشامل » بدل « السائل » ، ولا يبعد صحّة ما في الأصل ، بناء على ما سيجيء منه قدسسره في بيان معنى العبارة.
(٢) منتهى المطلب ١ : ١٦١.