في الكافي ـ « قال : سألت أبا عبد الله عليهالسلام هل يغتسل الرجل والمرأة من إناء واحد؟ فقال : « نعم ، يفرغان على أيديهما قبل أن يضعا أيديهما في الإناء ».
قال : وسألته عن سؤر الحائض؟ فقال : « لا توضّأ منه ، وتوضّأ من سؤر الجنب إذا كانت مأمونة ، ثمّ تغسل يديها قبل أن تدخلهما في الإناء ، وكان رسول الله صلىاللهعليهوآله يغتسل هو وعائشة في إناء واحد ، [و] يغتسلان جميعا » (١).
وعلى ما في التهذيبين قال : سألت أبا عبد الله عليهالسلام عن سؤر الحائض؟ قال : « توضّأ منه ، وتوضّأ من سؤر الجنب إذا كانت مأمونة » (٢) إلى آخره.
والجنب هنا مراد بها المرأة ، على ما قيل : من أنّه لفظ يستوي فيه المذكّر والمؤنّث ، وقوله : « إذا كانت مأمونة » على نسخة الكافي لا يتحمّل قيدا لما حكم به لسؤر الحائض من قوله : « لا يتوضّأ منه » كما هو واضح ، فعليه يكون مفاد ذلك المنع المطلق على طبق القسم الأوّل من الروايات.
وعلى نسخة التهذيبين يحتمل كونه قيدا للجنب فقط ، فيكون مفاد الرواية حينئذ بالقياس إلى سؤر الحائض الجواز المطلق ، كما يحتمل كونه قيدا لها ولما قبلها على إرادة كلّ واحدة ، فيكون مفادها حينئذ الجواز المقيّد.
وكيف كان ففيما بين تلك الأخبار من التنافي ما لا يخفى ، ومعه لا يمكن العمل بالجميع إلّا بنوع من التصرّف يوجب الجمع بينها ، وهو يتصوّر من وجوه :
أوّلها : أن يحمل « لا يتوضّأ » في روايات القسم الأوّل ، وفي رواية القسم الرابع ـ على نسخة الكافي ـ على المنع ، مع حمل إطلاقه على المنع المقيّد المستفاد من مفهوم رواية القسم الثاني وكذلك رواية القسم الرابع على نسخة التهذيبين ، مع رجوع القيد إلى سؤر الحائض أيضا ، بناء على كون كلمة « لا بأس » مرادا بها نفي الحرمة خاصّة. ويحمل قوله : « لا احبّ » في رواية القسم الثالث على إرادة المبغوضيّة مع حمل إطلاقه على المنع المقيّد المذكور ، ليكون مفاد المجموع حينئذ المنع من سؤر الغير المأمونة خاصّة ، وهذا هو الّذي عزي إلى ظاهر التهذيبين ، واقتضاه ما ذكره أوّلا من وجه الجمع كما لا يخفى.
__________________
(١) الكافي ٣ : ١٠ / ٢.
(٢) التهذيب ١ : ٢٢٢ / ٦٣٣.