في إفادة المفهوم من جميع الامور المذكورة في إفادة ظواهرها ، ومن البيّن وجوب تقديم الأظهر على غيره في مقام التعارض ، فلا يصار معه إلى الوجه الأوّل لاستلزامه العدول عن ظاهر لفظة « لا احبّ » ، مع مشاركته للوجه الأخير في اقتضاء التقييد ، ولا إلى الوجه الثاني لأدائه إلى إلغاء المفهوم عن الجملة الشرطيّة ، مع مشاركته للوجه الأخير في اقتضاء حمل « لا يتوضّأ » على إرادة الكراهة ، مع إمكان المنع من ظهورها في التحريم ، لأنّها جملة خبريّة وهي عند تعذّر الحقيقة ظاهرة في الإنشاء المطلق ومنه الكراهة.
ولو سلّم ظهورها فيه بالنوع فيتوهّن ذلك الظهور بمصير المعظم إلى خلافه ، إن لم نقل بكون فهمهم الكراهة موجبا لظهورها ، وبمثل ذلك أمكن منع ظهور لفظة « لا بأس » فيما ذكر.
بل قد يقال : « إنّ ظاهر نفي البأس في المقيّدات بعد العلم بعدم الحرمة في غير المأمونة نفي الكراهة رأسا » (١) ، فإنّ العلم بانتفاء الحرمة ـ لو فرض ـ يصلح قرينة على كون النظر في روايات الباب نفيا وإثباتا منطوقا ومفهوما إلى الكراهة خاصّة ، ومن هنا أمكن أيضا استظهار الكراهة من لفظتي « يتوضّأ » و « لا يتوضّأ ».
ثمّ يبقى ممّا يتعلّق بالمسألة امور :
الأوّل : قد عرفت أنّ مقتضى الجمع بين الأخبار اختصاص الكراهة بالحائض الغير المأمونة ، على ما هو صريح رواية عليّ بن يقطين ، ورواية عيص بن القاسم على نسخة التهذيبين في أحد الوجهين ، وقد ورد التقييد به في كلام جماعة من المقيّدين كالشرائع (٢) وعن الذكرى (٣) ، والمراسم (٤) ، والجامع (٥) ، والمهذّب (٦). لكن في الدروس (٧) تبديل الغير المأمونة بالمتّهمة ، كما عن السرائر (٨) والمعتبر (٩) ، والمنتهى (١٠) ، والمختلف (١١) ، والتحرير (١٢) ،
__________________
(١) القائل هو الشيخ الأنصاري رحمهالله في كتاب الطهارة ١ : ٣٨٢.
(٢) شرائع الإسلام ١ : ١٦.
(٣) ذكرى الشيعة ١ : ١٠٧.
(٤) المراسم العلويّة : ٣٦.
(٥) الجامع للشرائع : ٢٠.
(٦) المهذّب ٢ : ٤٣٠. (٧) الدروس الشرعيّة ١ : ١٢٣.
(٨) السرائر ١ : ٦٢. (٩) المعتبر : ٢٥.
(١٠) منتهى المطلب ١ : ١٦٢. (١١) مختلف الشيعة ١ : ٢٣٢.
(١٢) تحرير الأحكام ـ كتاب الطهارة ـ (الطبعة الحجريّة) : ٥.