والقواعد (١) ، والإرشاد (٢) ، واللمعة (٣) ، والجعفريّة (٤).
وفي كلام غير واحد أنّ الثمرة تظهر في الحائض المجهولة الحال ، فإنّ سؤرها مكروه على الأوّل دون الثاني ، لأنّ المتّهمة أخصّ من غير المأمونة ، حيث إنّها تشمل المجهولة دون المتّهمة ، ولعلّه كذلك بملاحظة مضمونها لغة ، فإنّ « المأمون » مأخوذ من الأمن أو الأمانة وهو : الوثوق والاطمئنان ، فالمأمونة : هي المرأة الّتي يوثق بطهارتها ويطمئنّ على تحفّظها عن النجاسة ، ولا ريب أنّ الوثوق والاطمئنان منحصر في صورة العلم أو الظنّ بالتحفّظ ، فغير المأمونة حينئذ من لم يعلم ولا يظنّ تحفّظها عن النجاسة ، سواء علم أو ظنّ بالعدم كما في المتّهمة ـ على تقدير الظنّ بالعدم ، نظرا إلى أنّ الاتّهام عبارة عن سوء الظنّ ، فالمتّهمة : من ظنّ بسوء تحفّظها عن النجاسة ـ أو لم يعلم ولا يظنّ كالمجهولة.
ومن هنا حكم في المدارك بأولويّة إناطة الكراهة بغير المأمونة من المتّهمة ، تعليلا : « بأنّ النصّ إنّما يقتضي انتفاء المرجوحيّة إذا كانت مأمونة ، وهو أخصّ من كونها غير متّهمة ، لتحقّق الثاني في ضمن من لا يعلم حالها دون الأوّل » (٥).
لكن قد يقال : باتّحادهما عرفا ، على معنى أنّ المتبادر عرفا من المأمونة هي الّتي لا تتّهم ، وكأنّه إلى ذلك يرجع ما عن بعض المحقّقين من أنّ غير المأمونة هي المتّهمة ، إذ لا واسطة بين المأمونة ومن لا أمانة لها ، والّتي لا أمانة لها هي المتّهمة. وعليه فلا يتوجّه إليه ما في المدارك من الاعتراض عليه بأنّ : « المتبادر من المأمونة من ظنّ تحفّظها من النجاسات ، ونقيضها من لم يظنّ بها ذلك ، وهو أعمّ من المتّهمة والمجهولة » (٦).
ومرجع ما ذكر إلى منع كون غير المأمونة أعمّ من المتّهمة ، بل هما متساويان في العرف ، وكما أنّ من لم يعلم حالها لا تدخل في مفهوم « المتّهمة » فكذلك لا تدخل في مفهوم « الغير المأمونة » ، فعلى التعبيرين لا يحكم عليها بشيء من الكراهة والعدم واقعا ، وإن كان مقتضى استحباب الحالة السابقة الثابتة للماء هو عدم الكراهة في الحكم الظاهري.
__________________
(١) قواعد الأحكام ١ : ١٨٥.
(٢) إرشاد الأذهان ١ : ٢٣٨.
(٣) اللمعة الدمشقيّة ١ : ٤٧.
(٤) الجعفريّة (رسائل المحقّق الكركي ١ : ٨٦).
(٥ و ٦) مدارك الأحكام ١ : ١٣٦.