لمجاهد ـ إلى أن قال ـ : بل يكره تغسيل الميّت منه » (١).
وعن السرائر : « الماء الّذي يسخّن بالنار لا يكره استعماله في حال » (٢) ، بل عن الخلاف : « أنّه ممّا قال به جميع الفقهاء إلّا مجاهد فإنّه كرهه » (٣).
لكنّ العلّامة في المنتهى (٤) احتجّ عليه من طريق العامّة بما رواه الجمهور عن شريك قال : أجنبت وأنا مع رسول الله صلىاللهعليهوآله ، فجمعت حطبا وأحميت الماء فاغتسلت ، فأخبرت النبيّ صلىاللهعليهوآله فلم ينكر (٥).
ومن طريق الخاصّة بما رواه الشيخ في الصحيح عن أبي عبد الله عليهالسلام أنّه اضطرّ إليه وهو مريض فأتوه به مسخّنا فاغتسل ، وقال : « لا بدّ من الغسل » (٦).
وأنت خبير بعدم صلاحية شيء من ذلك دليلا على نفي الكراهة ، نعم ينبغي أن يعلم أنّ الثاني لا يدلّ على الكراهة أيضا ، وإن كان قد يوهمها بملاحظة قوله : « أنّه اضطرّ إليه » لجواز عود الضمير إلى الغسل كما قيل ، أو إلى الماء ، لا إلى تسخينه.
ولو سلّم عوده إليه فعدم الاضطرار إلى التسخين أعمّ من كونه بنفسه مرجوحا كما لا يخفى.
وثالثها : في المنتهى ـ عن ابن بابويه رحمهالله ـ : « ويكره التداوي بالمياه الحارّة من الجبال الّتي يشمّ منها رائحة الكبريت ، لأنّها من فوح جهنّم » (٧).
أقول : يدلّ عليه ما رواه في الوسائل عن محمّد بن عليّ بن الحسين قال : أمّا ماء الحمات (٨) ، فإنّ النبيّ صلىاللهعليهوآله إنّما نهى أن يستشفى بها ولم ينه عن التوضّؤ بها ، قال : وهي المياه الحارّة الّتي يكون في الجبال يشمّ منها رائحة الكبريت. قال : وقال عليهالسلام : إنّها من فوح جهنّم (٩).
ورواية مسعدة بن صدقة عن أبي عبد الله عليهالسلام قال : « نهى رسول الله الاستشفاء
__________________
(١ و ٤) منتهى المطلب ١ : ٣٦ و ٢٦. (٢) السرائر ١ : ٩٥.
(٣) الخلاف ١ : ٥٤ المسألة ٤.
(٥) سنن البيهقي ١ : ٥ ـ الإصابة ١ : ٣٦ مع اختلاف يسير في اللفظ.
(٦) التهذيب ١ : ١٩٨ / ٥٧٦ ـ الوسائل ١ : ٢٠٩ ب ٧ من أبواب الماء المضاف ح ٢. وصدر الحديث هكذا : « سألت أبا عبد الله عليهالسلام عن رجل تصيبه الجنابة في أرض باردة ، ولا يجد الماء ـ إلى أن قال : ـ وذكر أبو عبد الله عليهالسلام : ...
(٧) منتهى المطلب ١ : ٢٧.
(٨) الحمة : العين الحارّة يستشفي بها المرضى. الصحاح ٥ : ١٩٠٤.
(٩) الوسائل ١ : ٢٢٠ ب ١٢ من أبواب الماء المضاف ح ١ و ٢ ـ الفقيه ١ : ١٣ / ٢٤ و ١٤ / ٢٥.