يعتبر وجود النفقة إلى ذلك المكان ، بل يكفي في الوجوب وجود مقدار العود إلى وطنه إلّا مع الاضطرار إلى السكنى فيه.
الخامس : الرجوع إلى الكفاية ، وهو التمكن بالفعل أو بالقوّة من إعاشة نفسه وعائلته بعد الرجوع إذا خرج إلى الحجّ وصرف ما عنده في نفقته ، بحيث لا يحتاج إلى التكفّف ولا يقع في الشدّة والحرج (١).
وبعبارة واضحة : يلزم أن يكون المكلّف على حالة لا يخشى معها على نفسه وعائلته من العوز والفقر بسبب الخروج إلى الحجّ أو صرف ما عنده من المال في سبيله.
وعليه ، فلا يجب الحجّ على من كان كسوباً في خصوص أيّام الحجّ ، بحيث لو ذهب إلى الحجّ لا يتمكّن من الكسب ويتعطّل أمر معاشه في سائر أيّام العام أو بعضها.
كما لا يجب على من يملك مقداراً من المال يفي بمصارف الحجّ وكان ذلك وسيلة لإعاشته وإعاشة عائلته ، مع العلم بأنّه لا يتمكّن من الإعاشة عن طريق آخر يناسب شأنه.
فبذلك يظهر أنّه لا يجب بيع ما يحتاج إليه في ضروريّات معاشه من أمواله ، ولا ما يحتاج إليه منها ممّا يكون لائقاً بحاله لا أزيد ـ كمّاً أو كيفاً (٢) ـ فلا يجب بيع دار سكناه وثياب تجمّله وأثاث بيته إذا كانت كذلك ، ولا آلات الصنائع التي يحتاج إليها في معاشه ، ونحو ذلك مثل الكتب بالنسبة إلى أهل العلم ممّا لا بُدّ منه في سبيل تحصيله.
وعلى الجملة ، لا يكون الانسان مستطيعاً للحجّ إذا كان يملك فقط ما يحتاج إليه في حياته ، وكان صرفه في سبيل الحجّ موجباً للعسر والحرج.
__________________
(١) سؤال ١ : شخص أدى حجّه بتقليد من لا يرى ضرورة الرجوع إلى كفاية في تحقق الإستطاعة والآن يرجع إليكم فما ترون في حجّه هذا؟
الجواب : يُجتَزأ به على الأقوى.
السؤال ٢ : شخص عنده ما يحجّ به ولكنه عند عوده سيضطر إلى الاقتراض أو يكون محتاجاً إلى الوجوه الشرعية مثل الخمس والزكاة لاقامة وليمة العود ولتمشية امور حياته فهل يجب عليه الحجّ؟
الجواب : إذا كان بعد رجوعه يقع في حرج شديد جراء توفير تكاليف الوليمة التي لا محيص له منها أو لتأمين معاشه لم يجب عليه الحجّ ، واما إذا كان بحيث يصبح محتاجاً للوجوه الشرعية التي تنطبق عليه ويتيسّر له تحصيل مقدار الكفاية منها من دون حرج ومشقة فالحجّ واجب عليه.
(٢) سؤال : إذا استدان مبلغاً يؤدي به الحجّ أو باع ما يحتاج إليه في معيشته وحجّ بثمنه فهل يجزيه عن حجّة الإسلام؟
الجواب : لا يجزيه في الدَين ويجزيه في بيع ما يحتاج إليه إن لم يكن من ضروريات معاشه.