وممّا ينبئنا عن هذا الجانب حديث كعّ الخليفة عن ذي الثدية لمّا أمره رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم بقتله وهو في صلاته غير شاك السلاح ، فرأى مخالفة الأمر النبويّ أهون من قتل الرجل ، فآب إليه صلىاللهعليهوآلهوسلم معتذراً بما سيوافيك تفصيله إن شاء الله.
نعم ؛ يراه ابن حزم في كتاب المفاضلة بين الصحابة (١) ومن لفّ لفّه أشجع الصحابة على الإطلاق ونحتوا له حديثاً على أمير المؤمنين أنّه قال : أخبروني من أشجع الناس؟ فقالوا : أنت ، قال : أما إنّي ما بارزت أحداً إلاّ انتصفت منه ولكن أخبروني بأشجع الناس؟ قالوا : لا نعلم ، فمن؟ قال : أبو بكر ، إنّه لمّا كان يوم بدر فجعلنا لرسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم عريشاً فقلنا : من يكون مع رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم لئلاّ يهوي إليه أحد من المشركين؟ فو الله ما دنا منّا أحد إلاّ أبا بكر شاهراً بالسيف على رأس رسول الله لا يهوي إليه أحد إلاّ هوى إليه ، فهو أشجع الناس. الحديث (٢).
ليت القوم لم يحذفوا سند هذه الأثارة المفتعلة وكانوا يروونها بالإسناد حتى نعرّف الملأ العلمي بالذي اختلقها ، وحسبنا أنّ الحافظ الهيثمي ذكرها بلا إسناد في مجمع الزوائد (٩ / ٤٦) وضعّفه وقال : فيه من لم أعرفه.
وتكذّبها صحيحة ابن إسحاق قال : كان رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم يوم بدر في العريش وسعد بن معاذ قائم على باب العريش الذي فيه رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم متوشّح السيف في نفر من الأنصار يحرسون رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم يخافون عليه كرّة العدوّ (٣).
ثمّ إنّ حراسة النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم لم تكن تنحصر بيوم بدر ولا بأبي بكر بل في كلّ موقف من مواقفه صلىاللهعليهوآلهوسلم كان يتعهّد أحد من الصحابة بحراسته ، فكانت الحراسة لسعد
__________________
(١) الفصل : ٤ / ١٤٣.
(٢) الرياض النضرة : ١ / ٩٢ [ ١ / ١٢٠ ] ، تاريخ الخلفاء للسيوطي : ص ٢٥ [ ص ٣٤ ]. (المؤلف)
(٣) عيون الأثر لابن سيّد الناس : ١ / ٢٥٨ [ ١ / ٣٢٦ ]. (المؤلف)