باطل هؤلاء ، قم يا عليّ قم يا حمزة قم يا عبيدة» ألا ترى ما جعلت هند بنت عتبة لمن قتله يوم أُحد لأنّه اشترك هو وحمزة في قتل أبيها يوم بدر؟ ألم تسمع قول هند ترثي أهلها
ما كان لِي عن عُتبةٍ من صبر |
|
أبي وعمّي وشقيق صدري (٣) |
أخي الذي كان كضوءِ البدرِ |
|
بهم كَسرتَ يا عليُّ ظهري |
وذلك لأنّه قتل أخاها الوليد بن عتبة ، وشرك في قتل أبيها عتبة ، وأمّا عمّها شيبة فإنّ حمزة تفرّد بقتله.
وقال جبير بن مطعم لوحشي مولاه يوم أُحد : إن قتلت محمداً فأنت حرّ ، وإن قتلت عليّا فأنت حرّ ، وإن قتلت حمزة فأنت حرّ. فقال : أمّا محمد فسيمنعه أصحابه ، وأمّا عليّ فرجل حذِر كثير الالتفات في الحرب ، ولكنّي سأقتل حمزة. فقعد له وزرقه بالحربة فقتله.
ولِما قلنا من مقاربة حال عليّ في هذا الباب لحال رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم ومناسبتها إيّاه ما وجدناه في السير والأخبار ، من إشفاق رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم وحذره عليه ، ودعائه له بالحفظ والسلامة ، قال رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم يوم الخندق ، وقد برز عليّ إلى عمرو ، ورفع يديه إلى السماء بمحضر من أصحابه : «اللهمّ إنّك أخذت منّي حمزة يوم أُحد ، وعبيدة يوم بدر ، فاحفظ اليوم عَليَّ عليّا ، ربّ لا تذرني فرداً وأنت خير الوارثين». ولذلك ضنّ به عن مبارزة عمرو حين دعا عمرو الناس إلى نفسه مراراً ، في كلّها يُحجمون ويقدم عليّ ، فيسأل الإذن له في البراز حتى قال له رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم : «إنّه عمرو!» فقال : «وأنا عليّ». فأدناه وقبّله وعمّمه بعمامته وخرج معه خطوات كالمودّع له ، القلق لحاله ، المنتظر لما يكون منه. ثمّ لم يزل صلىاللهعليهوآلهوسلم رافعاً يديه إلى السماء
__________________
(٣) في شرح النهج : ١٣ / ٢٨٣ ورد الشطر الأول هكذا : ما كان عن عتبة لي من صبرِ.