الأمين ، كلّ ذلك لأنّهم افتعلوها من غير بصيرة في الدين ، أو رويّة شاعرة في المبادئ الإسلاميّة.
وأحسب أنّ من اختلق هذه الرواية أراد إثباتها تجاه ما يروى لمولانا أمير المؤمنين عليهالسلام من تسديده لجبرئيل يوم خاطبه الله سبحانه : من أنا ومن أنت؟ فتروّى قليلاً وقد أخذته هيبة الجليل سبحانه حتى أدركته نورانيّة مولانا الإمام عليهالسلام ، فعلّمه أن يقول : أنت الجليل وأنا عبدك جبرئيل. وقد نظم ذلك الشاعر المبدع الشيخ صالح التميمي من قصيدة له في مدح مولانا أمير المؤمنين عليهالسلام وخمّسها الشاعر المفلق عبد الباقي أفندي العمري كما في ديوانه (ص ١٢٦) وفي ديوان صاحب الأصل (ص ٤) قالا :
روضةٌ أنت للعقول ودوحُ |
|
يُجتنى من طوباك رشدٌ ونصحُ |
ومتى هبَّ من عبيرك نفحُ |
|
شمل الروح من نسيمك روحُ |
حين من ربّه أتاه النداءُ
طالما للأملاك كنتَ دليلا |
|
ولناموسهم هديتَ سبيلا |
يوم نادى ربّ السما جبرئيلا |
|
قائلاً من أنا فروّى قليلا |
وهو لولاك فاته الاهتداء (١)
لك شكلٌ نتيجةٌ للقضايا |
|
لك قلبٌ للعالمين مرايا |
لك فعلٌ حوى رفيع المزايا |
|
لك اسمٌ رآه خير البرايا |
مذ تدلّى وضمّه الإسراءُ
وليست هذه كقصّة أبي بكر ؛ فليس فيها أنّ جبريل نوى ما نواه إبليس من المروق عن أمره سبحانه ، ولا فيها أنّ أمير المؤمنين أنبأ عن مغيّب ، ولا أنّ هيبته غلبت هيبة الله العظيم ، ولا أنّ جبريل سجد من هيبته ، ولا أنّ له هنالك قبّة عظيمة
__________________
(١) يعني الاهتداء إلى ذلك الجواب الحسن الجميل. (المؤلف)