سيّد العرب متغيّر اللون؟ هل رابه من حدثان الدهر ريب؟ فقلت لها : بلى إنّي رأيت الليلة وأنا نائم في الحجر كأنّ شجرة قد نبتت على ظهري قد نال رأسها السماء وضربت بأغصانها الشرق والغرب ، ورأيت نوراً يظهر منها أعظم من نور الشمس سبعين ضعفاً ، ورأيت العرب والعجم ساجدة لها ، وهي كلّ يوم تزداد عظماً ونوراً ، ورأيت رهطاً من قريش يريدون قطعها فإذا دنوا منها أخذهم شابّ من أحسن الناس وجهاً وأنظفهم ثياباً فيأخذهم ويكسر ظهورهم ويقلع أعينهم ، فرفعت يدي لأتناول غصناً من أغصانها فصاح بي الشابّ وقال : مهلاً ليس لك منها نصيب ، فقلت : لمن النصيب والشجرة منِّي؟ فقال : النصيب لهؤلاء الذين قد تعلّقوا بها وسيعود إليها ، فانتبهت مذعوراً فزعاً متغيّر اللون ، فرأيت لون الكاهنة قد تغيّر ثمّ قالت : لئن صدقت ليخرجنّ من صُلبك ولد يملك الشرق والغرب وينبّأ في الناس. فتسرّى عنّي غمّي ، فانظر أبا طالب لعلّك تكون أنت ، وكان أبو طالب يحدّث بهذا الحديث والنبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم قد خرج ويقول : كانت الشجرة والله أبا القاسم الأمين.
٣٩ ـ قال السيّد الحجّة في كتابه الحجّة (١) (ص ٦٨) : ذكر الشريف النسّابة العلوي العمري المعروف بالموضّح ، بإسناده : أنّ أبا طالب لمّا مات لم تكن نزلت الصلاة على الموتى ، فما صلّى النبيّ عليه ولا على خديجة ، وإنّما اجتازت جنازة أبي طالب والنبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم وعليّ وجعفر وحمزة جلوس ، فقاموا وشيّعوا جنازته واستغفروا له فقال قوم : نحن نستغفر لموتانا وأقاربنا المشركين أيضاً ظنّا منهم أنّ أبا طالب مات مشركاً لأنّه كان يكتم إيمانه ، فنفى الله عن أبي طالب الشرك ونزّه نبيّه صلىاللهعليهوآلهوسلم والثلاثة المذكورين عليهمالسلام عن الخطأ في قوله : (ما كانَ لِلنَّبِيِّ وَالَّذِينَ آمَنُوا أَنْ يَسْتَغْفِرُوا لِلْمُشْرِكِينَ وَلَوْ كانُوا أُولِي قُرْبى) (٢) ، فمن قال بكفر أبي طالب فقد حكم على النبيّ
__________________
(١) الحجّة على الذاهب إلى تكفير أبي طالب : ص ٢٦٨.
(٢) التوبة : ١١٣.