ولنرى لأي شيء كان هذا القسم : (إِنْ كُلُّ نَفْسٍ لَمَّا عَلَيْها حافِظٌ) (١).
يحفظ عليه أعماله ، وتسجل كل أفعاله ، ليوم الحساب.
كما جاء في الآيات (١٠ ـ ١٢) من سورة الإنفطار : (وَإِنَّ عَلَيْكُمْ لَحافِظِينَ كِراماً كاتِبِينَ يَعْلَمُونَ ما تَفْعَلُونَ).
فلا تظنوا بأنّكم بعيدون عن الأنظار ، بل أينما تكونوا فثمّة عليكم ملائكة مأمورين يسجلون كلّ ما يبدر منكم .. وهذا ما له الأثر البالغ في عملية إصلاح وتربية الإنسان. مع أنّ الآية لم تحدد هوية «الحافظ» ، ولكن الآيات الاخرى تبيّن بأن «الحفظة» هم الملائكة وأنّ «المحفوظ» هو أعمال الإنسان من الطاعات والمعاصي.
وقيل : يراد بها حفظ الإنسان من الحوادث والمهالك ، ولولا ذلك لما خرج الإنسان من الدنيا بالموت الطبيعي ، والأطفال بالخصوص.
أو المراد هو : حفظ الإنسان من وساوس الشيطان ، ولو لا هذا الحفظ لما سلم أحد من وساوس شياطين الجنّ والأنس.
وبلحاظ ما تتطرق إليه الآيات التالية (حول المعاد والحساب الإلهي) ، يكون التّفسير الأول أقرب من غيره وأنسب ، ولو أنّ الجمع بين هذه التفاسير الثلاثة غير بعيد عن مراد الآية.
والعلاقة ما بين المقسوم به وما أقسم له وثيقة ، حيث أنّ السماء العالية والنجوم التي تتحرك في مسارات منظمة ، دليل على وجود النظم والحساب الدقيق في عالم الوجود ، فكيف يمكن أنّ نتصور بأنّ أعمال الإنسان دون باقي الأشياء لا تخضع لهذه السّنة ، لتبقى سائبة بلا ضبط وتسجيل وليس عليها من حافظ؟!! ..
__________________
(١) «إن» في الآية : نافية ، و «لمّا» : بمعنى (إلّا).