ويمارسون النفاق : بأن يؤمنوا بك صباحا ويكفروا مساء ، كي يؤثّروا على البسطاء ..
ويقولون لك : أبعد الفقراء والمستضعفين عنك حتى نتّبعك
وأحيانا يقولون : آمن ببعض آلهتنا حتى نؤمن بك ..
ويكيدون لإبعادك وقتلك ..
والخلاصة : فشغلهم الشاغل هو : التخطيط المستمر لمواجهتك ، لتفريق من آمن بك ، والضغط على أصحابك ، أو قتلك لإطفاء نور الله بذلك! ولا يعلمون بأنّ الله متمّ نوره ولو كرهوا.
«الكيد» (١) : ضرب من الاحتيال والتغلب على المشكل بتهيئة المقدمات ، وفيه جنبة خفية ، وقد يكون مذموما وممدوحا كقوله تعالى : (كَذلِكَ كِدْنا لِيُوسُفَ) (٢) ، وإن كان يستعمل في المذموم أكثر.
ومراد الآية هو كيد الأعداء كما هو واضح ، وقد تعرضنا لبعض نماذجه أعلاه ، فيما تناولت هذا الموضوع آيات قرآنية كثيرة.
ولكن .. ما المقصود بالكيد الإلهي؟
قيل : إنّه الإمهال الذي ينتهي بالأخذ الشديد والعذاب الأليم.
وقيل أيضا : إنّه نفس العذاب الذي ينتظرهم.
والأنسب أن يقال : إنّه تلك الألطاف الإلهية التي غمرت النّبي صلىاللهعليهوآلهوسلم ومن معه من المؤمنين ، وما كان يصيب أعداء الإسلام من فشل مخططاتهم وخيبة مساعيهم.
ويحمل التاريخ الإسلامي بين طياته شواهد كثيرة على هذا المعنى.
وتأمر الآيات النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم ـ على الأخص ـ بأن يمهلهم ولا يتعجل على
__________________
(١) مفردات الراغب.
(٢) سورة يوسف ، الآية ٧٦.