حاكمة على كل موجود (ولا فرق في الغرائز والدوافع سواء كانت داخلية أم خارجية).
فمثلا ، إنّ الله خلق ثدي المرأة وجعل في اللبن لتغذية الطفل ، وفي ذات الوقت جعل عاطفة الامومة شديدة عند المرأة ، ومن الطرف الآخر جعل في الطفل ميلا غريزيا نحو ثدي امّه ، فكلّ هذه الاستعدادات والدوافع وشدّة العلاقة الموجودة بين الام والابن والثدي مقدّر بشكل دقيق ، كي تكون عملية السير نحو الهدف المطلوب طبيعية وصحيحة.
وهذا التقدير الحكيم ما نشاهده بوضوح في جميع الكائنات.
وبنظرة ممعنة لبناء كلّ موجود ، وما يطويه في فترة عمره من خطوات في مشوار الحياة ، تظهر لنا بوضوح الحقيقة التالية : (ثمّة برنامج وتخطيط دقيق يحيط بكل موجود ، وثمّة يد مقتدرة تهديه وتعينه على السير على ضوء ما رسم له) ، وهذه بحد ذاتها علامة جليّة لربوبية الله جلّ وعلا.
وقد اختص الإنسان بهداية تشريعية إضافة للهداية التكوينية يتلقاها عن طريق الوحي وإرسال الأنبياء عليهمالسلام ، لتكتمل أمامه معالم الطريق من كافة جوانبه.
وتوصلنا الآية (٥٠) من سورة طه لهذا المعنى ، وذلك لمّا نقلت لنا سؤال فرعون إلى موسى عليهالسلام بقوله : (فَمَنْ رَبُّكُما يا مُوسى) ، فأجابه عليهالسلام : (رَبُّنَا الَّذِي أَعْطى كُلَّ شَيْءٍ خَلْقَهُ ثُمَّ هَدى).
وقد فهم قول موسى عليهالسلام بشكل مجمل في زمانه ، وحتى في زمان نزول الآية المباركة في صدر الدعوة الإسلامية ، ولكنّ .. مع دوران عجلة الأيّام ، وتقدم العلوم البشرية ، توصل الإنسان إلى معارف كثيرة ومنها ما يختص بمعرفة أنواع أحوال الموجودات الحيّة ، فتوضح قول موسى عليهالسلام أكثر فأكثر ، حتى كتبت آلاف الكتب في موضوع (التقدير) و (الهداية التكوينية) ، ومع ما توصل إليه العلماء من معلومات