عليهم بمصيطر إلّا من تولّى وكفر فأنت مأمور بمواجهتها) (١).
كلّ ما ذكر من تفاسير مبنيّ على أنّ الاستثناء متصل ، ولكن ثمّة من يقول بأنّ الاستثناء منقطع ، فيكون معناه بما يقارب معنى (بل) ، فيصبح معنى الجملة : (بل من تولّى وكفر فإنّ الله متسلط عليهم) أو (إنّه سيعاقبهم بالعذاب الأكبر).
ومن بين هذه التفاسير ، ثمّة تفسيران مناسبان.
الأوّل : القائل بالاستثناء المتصل لجملة (لَسْتَ عَلَيْهِمْ بِمُصَيْطِرٍ) فيكون إشارة لاستعمال القوّة في مواجهة من تولى وكفر.
الثّاني : القائل بالاستثناء المنفصل ، أيّ ، سينالهم العذاب الأليم ، الذي ينتظر المعاندين والكافرين.
ويراد ب (الْعَذابَ الْأَكْبَرَ) «عذاب الآخرة» الذي يقابل عذاب الدنيا الصغير نسبة لحجم وسعة عذاب الآخرة ، بقرينة الآية (٢٦) من سورة الزمر : (فَأَذاقَهُمُ اللهُ الْخِزْيَ فِي الْحَياةِ الدُّنْيا وَلَعَذابُ الْآخِرَةِ أَكْبَرُ).
وكذلك يحتمل إرادة نوع شديد من عذاب الآخرة ، لأنّ عذاب جهنم ليس بمتساو للجميع.
وبحدّية قاطعة ، تقول آخر آيتين في السّورة : (إِنَّ إِلَيْنا إِيابَهُمْ) .. (ثُمَّ إِنَّ عَلَيْنا حِسابَهُمْ).
والآيتان تتضمّنان التسلية لقلب النّبي صلىاللهعليهوآلهوسلم في مواجهته لأساليب المعاندين ، لكي لا يبتئس من أفعالهم ، ويستمر في دعوته.
وهما أيضا ، تهديد عنيف لكلّ من تسول له نفسه فيقف في صف الكافرين والمعاندين ، فيخبرهم بأنّ حسابهم سيكون بيد جبار شديد! بدأت سورة الغاشية بموضوع القيامة وختمت به أيضا ، كما تمّت الإشارة فيما
__________________
(١) ونستفيد من حديث شريف ورد في (الدرّ المنثور) .. أنّه صلىاللهعليهوآلهوسلم كان مأمورا بمحاربة عبدة الأصنام ، وفي غير ذلك فهو مأمور بالتذكير.