وما يناسب الآية التالية ، أن يكون (إرم) هو اسم مدينتهم.
«عماد» : بمعنى العمود وجمعه «عمد» وهي على ضوء التّفسير الأوّل ، تشير إلى ضخامة أجسادهم كأعمدة البناء ، وعلى ضوء التّفسير الثّاني تشير إلى عظمة أبنيتهم وعلو قصورهم وما فيها من أعمدة كبيرة.
وعلى القولين فهي : إشارة إلى قدرة وقوّة قوم عاد. (١)
ولكنّ التّفسير الثّاني (أعمدة قصورهم العظيمة) أنسب.
ولذا تقول الآية التالية : (الَّتِي لَمْ يُخْلَقْ مِثْلُها فِي الْبِلادِ).
والآية تبيّن أنّ المراد ب «إرم» المدينة وليس شخص أو قبيلة ، ولعل هذه الآية هي التي دعت بعض كبار المفسّرين من اختيار هذا التّفسير ، ونراه كذلك راجحا (٢).
وقد ذكر بعض المفسّرين قصّة اكتشاف مدينة «إرم» العظيمة في صحاري شبه الجزيرة العربية وصحاري عدن ، وتحدثوا بتفصيل عن رونقها وبنائها العجيب ، ولكنّ القصّة أقرب للخيال منها للواقع.
وعلى أيّة حال ، فقوم «عاد» كانوا من أقوى القبائل في حينها ، ومدنهم من أرقى المدن من الناحية المدنية ، وكما أشار إليها القرآن الكريم : (الَّتِي لَمْ يُخْلَقْ مِثْلُها فِي الْبِلادِ).
وثمّة قصص كثيرة عن «جنّة شداد بن عاد» في كتب التاريخ ، حتى أنّها أصبحت مضربا للأمثال لما شاع عنها بين النّاس وعلى مرّ العصور ، إلّا أنّ ما ورد بين متون كتب التاريخ لا يخرج عن إطار الأساطير التي لا واقع لها.
وتذكر الآية التالية جمع آخر من الطغاة السابقين : (وَثَمُودَ الَّذِينَ جابُوا الصَّخْرَ بِالْوادِ) ، وصنعوا منها البيوت والقصور.
__________________
(١) وعلى ضوء التّفسير الأوّل يكون التعبير ب «ذات» لأنّ الطائفة والقبيلة مؤنث لفظي.
(٢) «إرم» ممنوع من الصرف ، لذا فقد نصب في حالة الجر.