الفساد الذي يشمل كلّ أنواع الظلم والاعتداء والانحراف ، والذي هو نتيجة طبيعية من نتائج طغيانهم ، فكلّ من يطغى سيؤول أمره إلى الفساد لا محال.
ويذكر عقابهم الأليم وبعبارة موجزة : (فَصَبَّ عَلَيْهِمْ رَبُّكَ سَوْطَ عَذابٍ)
«السوط» : هو الجلد المضفور الذي يضرب به ، وأصل السوط : خلط الشيء بعضه ببعض ، وهو هنا كناية عن العذاب ، العذاب الذي يخلط لحم الإنسان بدمه فيؤذيه أشدّ الإيذاء.
وجاء في كلام أمير المؤمنين عليهالسلام عن الامتحان : «والذي بعثه بالحقّ للتبلبلن بلبلة ولتغربلن غربلة ولتساطن سوط القدر» (١).
«صبّ عليهم» : تستعمل في الأصل لانسكاب الماء ، وهنا إشارة إلى شدّة واستمرار نزول العذاب ، ويمكن أن يكون إشارة لتطهير الأرض من هؤلاء الطغاة أمّا أنسب معاني «السوط» فهو المعروف بين النّاس به.
فعلى إيجاز الآية ، لكنّها تشير إلى أنواع العذاب الذي أصابهم ، فعاد أصيبوا بريح باردة ، كما تقول الآية (٦) من سورة الحاقة : (وَأَمَّا عادٌ فَأُهْلِكُوا بِرِيحٍ صَرْصَرٍ عاتِيَةٍ) ، وأهلك قوم ثمود بصيحة سماوية عظيمة ، كما جاء في الآية (٥) من سورة الحاقة أيضا : (فَأَمَّا ثَمُودُ فَأُهْلِكُوا بِالطَّاغِيَةِ) ، والآية (٥٥) من سورة الزخرف تنقل صورة هلاك قوم فرعون : (فَأَغْرَقْناهُمْ أَجْمَعِينَ).
وتحذر الآية التالية كلّ من سار على خطو أولئك الطواغيت : (إِنَّ رَبَّكَ لَبِالْمِرْصادِ).
«المرصاد» : من (الرصد) ، وهو الاستعداد للترقب ، وهو في الآية يشير إلى عدم وجود أيّ ملجأ أو مهرب من رقابة الله وقبضته ، فمتى شاء سبحانه أخذ المذنبين بالعقاب والعذاب.
__________________
(١) نهج البلاغة ، الخطبة ١٦.