طالب» ، وليحافظ عليك كما يحافظ على روحه.
نعم ، كنت يتيما فآويتك.
وقيلت في معنى هذه الآية آراء اخرى تبتعد عن ظاهرها. كقولهم إنّ اليتيم هو الفريد في فضائله وخصائله الحميدة ، فتقول مثلا للجوهرة الفريدة «درّة يتيمة» ... ويكون المعنى حينئذ أنّ الله وجدك في فضائلك فريدا ليس لك نظير ، ولذلك اختارك للنبوّة.
وكقولهم : إنّك كنت يوما يتيما ، وأصبحت ملاذا للأيتام وقائدا للبشرية.
المعنى الأوّل دون شك أنسب وبظاهر الآية الصق.
ثمّ يأتي ذكر النعمة الثّانية :
(وَوَجَدَكَ ضَالًّا فَهَدى).
نعم ، لم تكن أيّها النّبي على علم بالنبوّة والرسالة ، ونحن أنزلنا هذا النور على قلبك لتهدي به الإنسانية ، وهذا المعنى ورد في قوله تعالى أيضا : (ما كُنْتَ تَدْرِي مَا الْكِتابُ وَلَا الْإِيمانُ وَلكِنْ جَعَلْناهُ نُوراً نَهْدِي بِهِ مَنْ نَشاءُ مِنْ عِبادِنا). (١)
واضح أنّ النّبي صلىاللهعليهوآلهوسلم كان فاقدا لهذا الفيض الإلهي قبل وصوله مقام النبوّة ، فالله سبحانه أخذ بيده وهداه وبلغ به هذا المقام ، وإلى هذا تشير الآية (٣) من سورة يوسف : (نَحْنُ نَقُصُّ عَلَيْكَ أَحْسَنَ الْقَصَصِ بِما أَوْحَيْنا إِلَيْكَ هذَا الْقُرْآنَ وَإِنْ كُنْتَ مِنْ قَبْلِهِ لَمِنَ الْغافِلِينَ).
من المؤكّد أنّه لو لا الهداية الإلهية والإمداد الغيبي ما استطاع الرّسول صلىاللهعليهوآلهوسلم أن يهتدي المسير نحو الهدف المقصود.
من هنا فإنّ المقصود من الضلالة في كلمة «ضالا» في الآية ليس نفي الإيمان والتوحيد والطهر والتقوى عن النّبي ، بل بقرينة الآيات التي أشرنا إليها تعني نفي
__________________
(١) الشورى ، الآية ٥٢.