الذي يتحمل الصعاب ، ويقاوم العواصف سوف ينال يوما ثمار جهوده ، وستخمد عربدة الأعداء ، وتحبط دسائسهم ، ويتمهّد طريق التقدم والتكامل ويتذلل طريق الحق.
بعض المفسّرين ذهب إلى أنّ هذه الآيات تشير إلى فقر المسلمين في معيشتهم خلال الفترة الاولى من الدعوة ، لكن المفهوم الواسع للآيات يستوعب كلّ ألوان المشاكل. أسلوب الآيتين يجعلهما لا تختصان بشخص النّبي صلىاللهعليهوآلهوسلم وبزمانه ، بل بصورة قاعدة عامّة مستنبطة ممّا سبق. وتبشّر كلّ البشرية المؤمنة المخلصة الكادحة ، وتقول لها : كلّ عسر إلى جانبه يسر ، ولم ترد في الآية كلمة «بعد» بل «مع» للدلالة على الاقتران.
نعم ، كلّ معضلة ممزوجة بالانفراج ، وكلّ صعوبة باليسر ، والاقتران قائم بين الإثنين أبدا.
وهذا الوعد الإلهي يغمر القلب نورا وصفاء. ويبعث فيه الأمل بالنصر ، ويزيل غبار اليأس عن روح الإنسان (١).
وعن رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم قال : «واعلم أنّ مع العسر يسرا ، وأنّ مع الصبر النصر ، وأنّ الفرج مع الكرب ...». (٢)
وروي أنّ امرأة شكت زوجها لأمير المؤمنين علي عليهالسلام ، لعدم إنفاقه عليها ، وكان الزوج معسرا فأبى علي أن يسجن الزوج وقال للمرأة : إنّ مع العسر يسرا (ودعاها إلى الصبر) (٣).
(فَإِذا فَرَغْتَ فَانْصَبْ) أي إذا انتهيت من أداء أمر مهم فابدأ بمهمّة اخرى ، فلا
__________________
(١) ممّا ذكرنا يتّضح أنّ الألف واللام في (العسر) للجنس لا للعهد ، و (يسرا) وردت نكرة ، لكنّها تعني الجنس أيضا ، وتنكيرها في مثل هذه المواضع للتعظيم.
(٢) تفسير نور الثقلين ، ج ٥ ، ص ٦٠٤ ، حديث ١١ ، ١٣.
(٣) المصدر السابق.