الصعود في التكامل الإنساني توجد منحنيات نزول فظيعة ، ولم لا يكون كذلك وهو الموجود المليء بالكفاءات الثرّة التي إن سخرها على طريق الصلاح يبلغ أسمى قمم الفخر وإن استعملها على طريق الفساد يخلق أكبر مفسدة ، وينزلق طبعا إلى «أسفل سافلين».
ولكن الآية التالية تقول :
(إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ فَلَهُمْ أَجْرٌ غَيْرُ مَمْنُونٍ).
«ممنون» : من «المن» وتعني هنا القطع أو النقص ، من هنا فالأجر غير مقطوع ولا منقوص ، وقيل : إنّه خال من المنّة ، لكن المعنى الأوّل أنسب.
قيل : إنّ قوله : (ثُمَّ رَدَدْناهُ أَسْفَلَ سافِلِينَ) تعني ضعف الجسم والذاكرة في شيخوخة الإنسان ، ولكن هذا التّفسير لا ينسجم مع الاستثناء المذكور في الآية التالية ، ولذلك نختار التّفسير الأوّل.
الآية التالية تخاطب هذا الإنسان الكافر بأنعم ربّه والمعرض عن دلائل المعاد وتقول له : (فَما يُكَذِّبُكَ بَعْدُ بِالدِّينِ).
تركيب وجودك من جهة ، وبنيان هذا العالم الواسع من جهة اخرى يؤكّدان أن هذه الحياة الخاطفة لا يمكن أن تكون الهدف النهائي من خلقتك وخلقة هذا العالم الكبير.
هذه كلّها مقدمات لعالم أوسع وأكمل ، وبالتعبير القرآني ، هذه «النشأة» الاولى» تنبئ عن «النشأة الاخرى» ، فلم لا يتذكر الإنسان؟! (وَلَقَدْ عَلِمْتُمُ النَّشْأَةَ الْأُولى فَلَوْ لا تَذَكَّرُونَ). (١)
عالم النبات كلّ عام يجسّد مشهد الموت والبعث أمام عين الإنسان ، وتطور الجنين خلقا بعد خلق ، إنّما هو في كلّ خلق معاد وحياة جديدة ، فكيف ـ مع كلّ
__________________
(١) راجع أدلة المعاد في تفسير سورة الواقعة.