خديجة وقال : «زملوني ودثروني» (١).
«الطبرسي» في مجمع البيان يروي عن الحاكم النيسابوري قصّة أوّل نزول الوحي ما ينبئ أنّ سورة الحمد كانت أوّل ما نزل على النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم يقول : إنّ رسول الله قال لخديجة إنّي إذا خلوت وحدي سمعت نداء. فقالت : ما يفعل الله بك إلّا خيرا ، فو الله إنّك لتؤدي الأمانة وتصل الرحم وتصدق الحديث ، قالت خديجة : فانطلقنا إلى ورقة بن نوفل وهو ابن عمّ خديجة فأخبره رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم بما رأى ، فقال له ورقة : إذا أتاك فاثبت له حتى تسمع ما يقول ثمّ ايتني فأخبرني ، فلمّا خلا ناداه يا محمّد : قل (بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ ، الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ) ... حتى بلغ ولا الضّالين ، قل لا إله إلّا الله ، فأتى ورقة فذكر له ذلك ، فقال له : أبشر ثمّ أبشر ، فأنا أشهد أنّك الذي بشر به ابن مريم ، وإنّك على مثل ناموس موسى ، وإنّك نبيّ مرسل ، وإنّك سوف تؤمر بالجهاد بعد يومك هذا ، ولئن أدركني ذلك لأجاهدنّ معك ، فلمّا توفي ورقة ، قال رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم : «لقد رأيت القس في الجنّة عليه ثياب الحرير لأنّه آمن بي وصدّقني» (٢).
جدير بالذكر أنّ في بعض كتب التّفسير والتاريخ كلاما حول حياة الرّسول الأكرم صلىاللهعليهوآلهوسلم ، في هذه البرهة الزمنية لا تتناسب أبدا مع شخصية النّبي الأكرم صلىاللهعليهوآلهوسلم ، وتستند حتما إلى أحاديث مختلفة أو إلى إسرائيليات ، من ذلك أنّ النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم اغتم كثيرا لدى نزول الوحي عليه أوّل مرّة ، وخشي أن يكون إلقاءات شيطانية! ومن ذلك أنّه صلىاللهعليهوآلهوسلم همّ مرّات أن يلقي بنفسه من أعلى الجبل! وأمثال هذه الخزعبلات التي لا تنسجم إطلاقا مع ما ذكرته كتب السيرة حول ما يتمتع به الرّسول صلىاللهعليهوآلهوسلم من رجاحة في العقل ، وضبط كبير في النفس ، وصبر وسعة صدر ، وثقة بالدور الكبير
__________________
(١) التّفسير الكبير ، ج ١٢ ، ص ٩٦ (بتلخيص قليل) ، وهذا المعنى أورده كثير من المفسّرين بإضافات وزوائد لا يمكن قبول بعضها.
(٢) تفسير مجمع البيان ، ج ١٠ ، ص ٥١٤.