العالمين :
(رَسُولٌ مِنَ اللهِ يَتْلُوا صُحُفاً مُطَهَّرَةً).
وهذه الصحف فيها من الكتابة ما هو صحيح وثابت وذو قيمة.
(فِيها كُتُبٌ قَيِّمَةٌ).
كان هذا ادعاؤهم قبل ظهور الإسلام ، وحينما ظهر ونزلت آياته تغيّر هؤلاء ، واختلفوا وتفرقوا. وما تفرقوا إلّا بعد أن جاءهم الدليل الواضح والنبيّ الصادح بالحق.
(وَما تَفَرَّقَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ إِلَّا مِنْ بَعْدِ ما جاءَتْهُمُ الْبَيِّنَةُ).
ممّا تقدم ، الآيات الاولى لهذه السّورة المباركة تتحدث عن أهل الكتاب والمشركين الذين كانوا يدعون أنّهم سوف يقبلون الدعوة إنّ جاءهم نبيّ بالدلائل الساطعة.
لكنّهم أعرضوا حين ظهر ، وجابهوه ، إلّا فريق منهم آمن واهتدى.
وهذا المعنى يشبه ما جاء في قوله تعالى : (وَلَمَّا جاءَهُمْ كِتابٌ مِنْ عِنْدِ اللهِ مُصَدِّقٌ لِما مَعَهُمْ وَكانُوا مِنْ قَبْلُ يَسْتَفْتِحُونَ عَلَى الَّذِينَ كَفَرُوا فَلَمَّا جاءَهُمْ ما عَرَفُوا كَفَرُوا بِهِ فَلَعْنَةُ اللهِ عَلَى الْكافِرِينَ) (١).
نعلم أنّ أهل الكتاب كانوا ينتظرون مثل هذا الظهور ، ولا بدّ أن يكون مشركو العرب مشاركين لأهل الكتاب في هذا الانتظار لما كانوا يرون فيهم من علم ومعرفة ، ولكن حين تحققت آمالهم غيّروا مسيرهم والتحقوا بأعداء الدعوة.
جمع من المفسّرين لهم رأي آخر في تفسير الآية ، يقولون : مقصود الآية هو أنّ أهل الكتاب والمشركين لم يكونوا منفكّين عن دينهم حقيقة ـ لا ادعاء ـ حتى تأتيهم البيّنة.
__________________
(١) البقرة ، الآية ٨٩.